الأعراض لأمور عائدة إلى أنفسها. ولا يخفى أنه لا تشابه بين أنواع الإدراكات في أنفسها ؛ (لاختلافها (١)) فى ذواتها على ما يجده كل عاقل من نفسه ؛ ولهذا لا يقوم أحدهما مقام (٢) الآخر ؛ فإن إدراك الشيء بالبصر لا يقوم مقام إدراكه بالسمع ، والشم / والذوق ، واللمس ، وكذلك بالعكس.
وعلى هذا : فتبين أن ما ذكروه من حدود الإدراكات لا حاصل له.
قولهم : الإدراك هو الانطباع ، أو أن الانطباع شرط في الإدراك ؛ فباطل من وجهين :
الأول : هو أن ما ذكروه مبنى على اشتراط البنية المخصوصة في الإدراك ؛ وقد سبق إبطاله.
الثانى : هو أن الصورة المنطبعة في العين : إما أن تكون منتقلة من صورة المرئى ، أو غير منتقلة.
فإن كان الأول : فالمنتقل : إما جوهر ، أو عرض.
لا جائز أن يكون جوهرا : وإلا فهو مع انطباعه في العين : إما أن يكون متصلا بالمرئى ، أو منفصلا عنه.
فإن كان متصلا به : فيبعد (٣) أن يكون منطبعا في العين ؛ بل المنطبع في العين طرفه ؛ ويلزم من ذلك أن لا يكون منه (٤) مدركا (٤) غير المنطبع دون غيره. وأن يزاحم الهواء الراكد بين الرائى والمرئى ، ويحركه ، وأن يكون نافذا في الأشياء الصلبة الشفافة : كالبلور إذا كان متوسطا بين الرائى والمرئى ، وأن يكون قد خرج من الخردلة المرئية (٥) جرم مخروط ملأ (٦) ما بين (٦) الرائى ، والمرئى مع بعده ، وأن لا يرى المرئى على شكله : بل على الشكل المنطبع في العين على صغره ، وأن لا ترى السماء في أول جزء من أجزاء زمان فتح العين ؛ بل بعد أزمنة وهى ما يمكن فيها قطع المنتقل من المرئى إلى
__________________
(١) فى أ (واختلافها).
(٢) فى ب (عن).
(٣) فى ب (فيتعذر).
(٤) فى ب (مدركا منه).
(٥) فى ب (المرئية في).
(٦) فى ب (قد ملأ بين).