الخامس : أنه لو كان الإدراك باتصال الشعاع بالمرئى ؛ لما رؤيت الأعراض ؛ لعدم اتصال الشعاع بها عندهم.
فإن (١) قالوا : الشرط (١) اتصال الشعاع بالمرئى ، أو بمحله ، والعرض وإن لم يتصل به الشعاع ؛ فهو متصل بمحله ، فيلزمهم رؤية لون الجسم مهما رؤى الجسم ؛ لاتصال الشعاع بمحله ؛ وليس كذلك ؛ فإن عندهم قد يرى الجسم من البعد ، من لا يرى لونه إلى أن يقرب منه.
ثم يلزمهم رؤية الطعم ، والرائحة ؛ ضرورة اتصال الشعاع بمحله ، ولم يقولوا به ؛ لكن لهم أن يقولوا الطعم وإن اتصل الشعاع بمحله ؛ فليس مما يصح أن يرى عندنا ؛ وهو شرط في الرؤية.
السادس : أنه لو أوقدت نار في ليل مظلم ؛ فإن من هو واقف في ضوئها لا يرى من هو واقف في الظلمة عند مقطع الضوء ، ومن هو في الظلمة يراه مع استوائهما في انبعاث الأشعة.
فإن قالوا : شعاع النار (٢) لقوته يبهر (٢) الشعاع المنبعث من عينى من هو في ضوئها ، ويمنعه من النفوذ ، بخلاف الواقف في الظلمة.
قلنا : فإذا كان شعاع النار مانعا من نفوذ الشعاع المنبعث من العين ؛ فالظلمة أولى من أن تكون مانعة للشعاع المنبعث من عين الواقف فيها.
ولهذا إنه قد يرى الشيء في وقت طلوع (٣) شعاع الشمس (٣) فى مسافة لا يرى في مثلها في الظلمة ، وكذلك فإن الهبا يرى في شعاع الشمس النازل من الكوى ، ولا يرى في الظلمة.
ثم يلزم منه أن لا يرى أحد الواقفين في الضوء للآخر ، لكون الشعاع المنبعث في العين مبهرا بشعاع النير المفروض ؛ فكان (٤) امتناع رؤية النار لقوة شعاعها أولى.
__________________
(١) فى ب (وإن قالوا).
(٢) فى ب (لقوته متميز).
(٣) فى ب (شعاع طلوع الشمس).
(٤) فى ب (بل وكان).