الرابع : ما قاله (١) الأصحاب (١) : إن المفهوم من كونه باقيا ، أنه مستمر في الزمن الثانى. ومفهوم الاستمرار واحد في الوجود والعدم ، بدليل صحة قسمة المستمر : إلى المستمر بالوجود ، والمستمر بالعدم ، ومورد القسمة يجب أن يكون واحدا. وإذا كان مفهوم الاستمرار واحدا في الوجود ، والعدم ، فلو كان صفة ثبوتية ؛ لكان العدم المحض متصفا بها ؛ وهو محال.
ويمكن أن يقال :
لا نسلم اتحاد المفهوم من الاستمرار. ومورد القسمة : إنما هو اللفظ دون المعنى. ثم هو مقابل بما يدل علي أن مفهوم الاستمرار ثبوتيا ؛ وذلك لأن نقيض الاستمرار ، لا استمرار ، ولا استمرار عدم ، بدليل صحة اتصاف العدم به في أول زمان تحققه ؛ فيكون الاستمرار ثبوتيا.
سلمنا أن المفهوم من كونه باقيا أمرا ثبوتيا ؛ ولكن لا نسلم أنه معلل بالبقاء ، ودليله (٢) من ثلاثة أوجه :
الأول : أنه لو افتقر (٣) فى كونه باقيا إلى قيام البقاء به ؛ فقيام البقاء بالباقى : إما أن يتوقف على كونه باقيا ، أو لا يتوقف. فإن توقف فقد لزم الدور الممتنع.
وإن لم يتوقف ؛ لزم صحة حصوله البقاء في الجوهر لا حالة كونه باقيا ؛ وهو محال.
الثانى : هو أنه لو كان الباقى معللا بالبقاء ؛ فالبقاء : إما أن يكون صفة ثبوتية ، أو لا يكون صفة ثبوتية.
فإن / كان الأول : فإما أن يكون باقيا ، أو لا يكون باقيا.
فإن كان باقيا ؛ لزم أن يكون باقيا ببقاء آخر ؛ وهو تسلسل. ثم ليس قيام أحد البقاءين بالآخر أولى من العكس.
وإن لم يكن باقيا ؛ فما لا يكون باقيا لا يكون صفة لله ـ تعالى ـ
وإن لم يكن ثبوتيا : استحال أن يكون علة للأمر الثبوتى
__________________
(١) فى ب (ما قاله بعض الأصحاب).
(٢) فى ب (وبيانه).
(٣) فى ب (افتقر الثانى).