الصفة الثانية : «القدم» (١)
وقد اتفق الجمهور على أن الله ـ تعالى ـ قديم لنفسه لا بقدم زائد عليه.
وقال عبد الله بن سعيد من أصحابنا : إنه قديم بقدم ، وأثبت القدم معنى زائدا عليه.
واحتج على ذلك بما سبق الاحتجاج به على البقاء ـ وقد سبق إبطاله.
والّذي يخصه هاهنا أن يقال : لا يخلو : إما أن يريد بالقديم : أنه الّذي لا أول له ؛ فيكون أمرا سلبيا ، ومعنى عدميا ؛ فلا يستدعى أن يكون معللا بمعنى.
أو يريد به ما فسر كلامه به الأستاذ أبو إسحاق الأسفرايينى ، وهو أن قال : المراد من قول ابن سعيد : إن الله ـ تعالى ـ قديم بقدم : أنه مختص في قيامه بنفسه بمعنى لأجله ثبت وجوده لا في مكان ، كما اختص المتحيز بمعنى لأجله كان مختصا / بالحيز ؛ فهو مع بعده عن دلالة لفظ القديم ؛ فالقدم يرجع حاصله إلى صفة نفى : وهى وجوده لا في مكان ، والصفات السلبية لا تعلل ، بخلاف الصفات الثبوتية.
وإن أراد به غير ذلك ؛ فلا بد من تصوره ، وإقامة الدليل عليه.
__________________
(١) انظر أصول الدين للبغدادى ص ٨٨ ، ٨٩ والاقتصاد للغزالى ص ١٩ والمحصل للرازى ص ٥٧ والمواقف للإيجي ص ٢٩٧ ، وشرح المقاصد للتفتازانى ٢ / ٨١ وحاشية الدسوقى على أم البراهين ص ٧٥.
ومن كتب المعتزلة انظر المحيط بالتكليف للقاضى عبد الجبار ص ١٤٥ وشرح الأصول الخمسة ص ١٨١.