الصفة الثالثة : «الوجه» (١)
ذهب الشيخ أبو الحسن الأشعرى في أحد قوليه ، والأستاذ (٢) أبو إسحاق الأسفرايينى ، والسلف إلى أن الرب تعالى ـ متصف بالوجه ، وأن الوجه صفة ثبوتية زائدة على ما له من الصفات. متمسكين في ذلك بقوله ـ تعالى ـ : (وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ) (٣). لا أنه بمعنى الجارحة.
ومن المشبهة من أثبت الوجه بمعنى الجارحة.
ومذهب (٤) القاضى والأشعرى ـ فى قول آخر ـ وباقى (٥) الأئمة (٥) : أن وجه الله ـ تعالى ـ وجوده.
والحق في ذلك أن يقال :
لا سبيل إلى إثبات الوجه بمعنى الجارحة ؛ لما سنبينه في إبطال التشبيه وما لا يجوز على الله ـ تعالى ـ
وكونه زائدا على ذاته ، وما له من الصفات لا بمعنى الجارحة ، وأنه وجه لا كوجوهنا كما أن ذاته لا كذواتنا ، كما هو مذهب الشيخ في أحد قوليه. ومذهب السلف ؛ وإن كان ممكنا إلا أن الجزم بذلك يستدعى دليلا قاطعا ؛ ضرورة كونه صفة للرب ـ تعالى ـ ولا وجود للقاطع هاهنا.
وإن جاز أن يكون الدليل ظاهرا ؛ فلفظ الوجه في الآية لا دلالة له على الوجه بهذا المعنى لغة لا حقيقة ، ولا مجازا ؛ فإنه لم يكن مفهوما لأهل اللغة حتى يقال : إنهم وضعوا لفظ الوجه بإزائه ، وما لا يكون مفهوما لهم ، لا يكون موضوعا لألفاظهم ؛ فلم يبق إلا أن يكون محمولا على مقتضاه لغة.
__________________
(١) انظر الإبانة للأشعرى ص ٣٥ وأصول الدين للبغدادى ص ١٠٩ وأساس التقديس للرازى ص ١١٤ ومن كتب الآمدي غاية المرام ص ١٣٧ ، ١٤٠.
ومن كتب المتأخرين المتأثرين بالآمدي : انظر شرح طوالع الأنوار ص ١٨٤ والمواقف للإيجي ص ٢٩٨ وشرح المقاصد ٢ / ٨١.
(٢) فى ب (والشيخ).
(٣) سورة الرحمن ٥٥ / ٢٧.
(٤) فى ب (وذهب).
(٥) فى ب (إلى).