الصفة الحادية عشرة : «الصورة»
وقد روى عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال : «إنّ الله خلق آدم (١) على صورته» (٢)
فذهبت المشبهة : إلى أن هاء الضمير في الصورة عائدة إلى الله ـ تعالى ـ ، وأن الله ـ تعالى ـ مصور بصورة مثل (٣) صورة (٣) آدم ؛ وهو محال كما يأتى :
ومن عرف سبب ورود الخبر هان عليه التقصى عنه. وسببه ما روى أن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ رأى شخصا يلطم صبيا على وجهه فقال : لا تلطمه إن الله خلق آدم على صورته. على (٤) صورة الصبى (٤) ولو قطع النظر عن سبب الورود ؛ فيمكن (٥) / تأويله بعود الضمير في الخبر إلى آدم ، وبيانه من وجهين :
الأول : أنه أمكن أن يقال : المراد به أنه خلق آدم علي صورته التى رؤى عليها ابتداء من غير أب ، وأم ، وتقلب في أطوار الخلقة.
الثانى : أنه خلق آدم في ابتداء خلقه على الصورة التى هبط بها من الجنة ، لا أنه غير عنها ، ويكون المراد من ذلك بيان تخصيص آدم بذلك تشريفا له ، وتكريما.
فإن قيل : وإن استمر لكم مثل هذا التأويل في قوله : إن الله خلق آدم على صورته. فما وجه التأويل في قوله عليهالسلام : «إنّ الله خلق آدم على صورة الرّحمن» ؛ فإنه من الأحاديث المشهورة بالصحة.
__________________
(١) من أول (المنادى والقائل غيره ... إلى خلق آدم) ساقط من ب.
(٢) هذا الحديث ذكره إمام الحرمين في الشامل ص ٥٦٠ وقال إنه غير صحيح ، ولم يدون في المشاهير من الصحاح ، ثم تأويله قريب المأخذ. كما ذكر الإمام الرازى خمسة أخبار عن الرسول فيها ذكر الصورة في أساس التقديس ص ٨٣ ـ ٩١ وأوّلها كلها.
أما عن صفة الصورة بالتفصيل :
فانظر الشامل لإمام الحرمين ص ٥٦٠ ، ٥٦١ وإلجام العوام للغزالى ص ٦٤. وأساس التقديس للرازى ص ٨٣ ـ ٩١.
فقد أوّلوا الأحاديث الواردة في هذا المبحث. وما ذكره الآمدي هنا لا يخرج عن قولهم. وقد ورد هذا الحديث في صحيح البخارى في كتاب الأنبياء ج ٤ ص ١١٦ ، وفي كتاب الاستئذان ج ٨ ص ٦٢ (ط) الشعب.
كما ورد في صحيح مسلم ٤ / ٢٠١٧ (كتاب البر ، باب النهى عن ضرب الوجه).
(٣) فى ب (كصورة).
(٤) ساقط من ب.
(٥) فى ب (لأمكن).