الصفة الرابعة عشرة : «القدم» (١)
قال عليه الصلاة والسلام في أثناء حديث مطول «فيضع الجبّار قدمه في النّار فتقول قط قط» (٢) : أى حسبى حسبى ـ ويتعذر حمله على القدم بمعنى الجارحة ، وعلى صفة زائدة بكونه قدما لا كأقدامنا ؛ لما تقدم في اليدين.
واذا تعذر حمل اللفظ على ظاهره ، تعين حمله على ما هو بعيد فيه ؛ وهو أنه يحتمل أنه أراد بالقدم أقدام الجبارين المرتفعين عن التكاليف ؛ فإن كل من طغى ، وبغى ، وخرج عن ربقة التكليف يقال له : جبار. وعبر عن المجموع بلفظ الواحد كما في قوله ـ تعالى ـ : (إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ) (٣)
ويحتمل أنه أراد به قدم بعض الجبارين عينا ، ويكون الله ـ تعالى ـ قد ألهم النار طلب المزيد إلى حين وضع قدم ذلك الجبار المعين فيها.
ويحتمل أنه أراد به مالكا خازن النار.
__________________
(١) انظر الشامل لإمام الحرمين ص ٥٦٢ وأساس التقديس للرازى ص ١٤١ وغاية المرام للآمدى ص ١٣٧ ـ ١٤١ والمواقف للإيجي ص ٢٩٨.
(٢) هذا الحديث أورده ابن تيمية في العقيدة الواسطية ص ١٣ وقال : إنه متفق عليه ـ كما أورده الآمدي بتمامه في غاية المرام ص ١٣٧ ونصه كما يلى :
«إذا كان يوم القيامة واستقر أهل الجنان في نعيمهم وأهل النيران في حميمهم ، قالت النار : هل من مزيد؟ فيضع الجبار قدمه فيها فتقول قط قط».
وما ورد هنا جزء من حديث ورد في صحيح البخارى ٦ / ١٧٣ (كتاب التفسير تفسير سورة ق) عن أبى هريرة ـ رضى الله عنه ـ كما ورد في مواضع أخرى في صحيح البخارى. وانظر أيضا صحيح مسلم ٤ / ٢١٨٦
(كتاب الجنة ، باب النار يدخلها الجبارون ..).
(٣) سورة العصر ١٠٣ / ٢.