المسألة الأولى
في أن حقيقة واجب الوجود ، هل هى الآن معلومة ، أم لا (١)؟
وقد اختلف فيه (٢) :
فقال بعض المتكلمين من أصحابنا ، ومن المعتزلة : العلم بحقيقته في الآن حاصل.
ومنهم من منع من ذلك
ثم اختلف القائلون بالمنع في أنه : هل يجوز أن تصير حقيقته معلومة؟ فمنهم من منع أيضا : كالفلاسفة ، وبعض أصحابنا : كالغزالى (٣) ، وإمام الحرمين.
ومنهم من توقف : كالقاضى أبى بكر ، وضرار بن عمرو.
واحتج القائلون بالمنع مطلقا بحجج أربع :
الحجة الأولى : أن حقيقته غير متناهية ، والعقل متناه ، وإدراك غير المتناهى بالمتناهى ؛ محال.
الحجة الثانية : هو أن ذاته وحقيقته مخالفة بذاتها لسائر الحقائق ، والذوات ، وكل ما نعلمه منه : ككونه موجودا ، وعالما ، وقادرا ، ومريدا إلى غير ذلك من الصفات ؛ فغير مانع من وقوع الاشتراك فيها ؛ ولهذا يفتقر بعد معرفة ما له من الصفات إلى بيان وحدانيته ، وإذا كانت ذاته مانعة من وقوع الاشتراك فيها ، وكل ما نعلمه منه غير مانع من وقوع الاشتراك فيه ؛ فذاته غير معلومة.
__________________
(١) انظر المواقف للإيجي ص ٣١٠ ، ٣١١ ، وشرح المقاصد للتفتازانى ٢ / ٩١ ، ٩٢.
(٢) فى ب (فى ذلك).
(٣) الغزالى (٤٥٠ ه ـ ٥٠٥ ه)
حجة الإسلام أبو حامد محمد بن محمد بن أحمد الغزالى. متكلم ، فقيه ، أصولى ، صوفى ، مشارك في أنواع من العلوم. كان الآمدي معنيا بنقده ، والرد عليه ، وإذا ذكر رأيه يقول : قال بعض المتأخرين ، ولم يصرح باسمه إلا في هذا الموضع. وقد تتبعت هذه الآراء ، ووضحت نسبتها إلى الغزالى في مواضعها ، (وفيات الأعيان ٣ / ٣٥٣ ومعجم المؤلفين ١١ / ٢٦٦ والأعلام ٧ / ٢٤٧).