المسألة الثانية
في رؤية الله ـ تعالى ـ
وتشتمل على مقدمة وفصلين :
أما المقدمة : فنقول : قد بينا الإدراكات ، ومعناها في مسألة (١) : السمع والبصر لله ـ تعالى ـ فلا بد من الإشارة إلى متعلقاتها من المدركات ، واختلاف المتكلمين فيها ، وما هو المختار.
أما الرؤية : فيصح تعلقها بكل موجود عند أئمتنا ، وأن (٢) المصحح للرؤية الوجود ، على ما يأتى. إلا عبد الله بن سعيد ؛ فإنه نقل عنه أنه قال : لا تتعلق الرؤية بغير القائم بنفسه.
وأما الصفات : فلا تتعلق بها حتى قال : من رأى جسما أسود. فما رأى سواده ؛ بل المرئى : كونه أسود ، وكذلك المسموع ؛ هو المتكلم دون الكلام.
وذهب أكثر المعتزلة : إلى أن المدرك إنما هو الأجسام ، والألوان ، لا غير.
وذهب بعضهم ، وكثير من الكرامية : إلى أن المدرك ليس غير الألوان.
واتفقت المعتزلة : على استحالة رؤية العلوم ، والقدر ، والإرادات ، والروائح ، والطعوم شاهدا ، وغائبا.
واتفق العقلاء : عل استحالة رؤية المعدوم ، غير السّالميّة (٣) ؛ فإنهم جوزوا رؤيته.
__________________
(١) انظر ما سبق ل ٩٩ / أوما بعدها.
(٢) فى ب (فإن).
(٣) السّالميّة :
تنسب هذه الطائفة إلى رجل وابنه ـ أما الرجل : فهو : محمد بن أحمد بن سالم البصرى المتوفى عام ٢٩٧ ه.
وأما الابن فهو : أحمد بن محمد بن أحمد بن سالم المتوفى عام ٣٦٠ ه ـ وكانوا يجمعون بين كلام أهل السنة ، وكلام المعتزلة مع ميل إلى التشبيه ، ونزعة صوفية. ومن أشهر المنتسبين إلى هذه الطائفة : أبو طالب المكى صاحب قوت القلوب المتوفى سنة ٣٨٦ ه وتأثر بها كثير من أعلام التصوف في العالم الإسلامى.
أما عن رأيهم في جواز رؤية المعدوم ، فانظر الشامل لإمام الحرمين ص ٥٣٧.
ونشأة الفكر الفلسفى ١ / ٤٠٠ ـ ٤٠٤.