الصورة الخامسة : هو (١) أن وقوع الفعل من الفاعل ، لا يكون معللا ، وإن كان زائدا على ذات الفاعل ؛ لأنه لو كان معللا : فإما أن يعلل بذات الفاعل ، أو بصفة لازمة لذاته ، أو بما سوى ذلك.
فإن كان الأول ، والثانى : لزم أن لا يتأخر وقوع الفعل عن ذات الفاعل ، حتى لا يتأخر الحكم على علته ، كما لا يتأخر كون الأسود ، أسود عن سواده.
وإن كان الثالث : فإما أن يكون قديما ، أو حادثا.
فإن كان قديما : فهو ممتنع ؛ لما تحقق (٢) فى القسم الّذي قبله.
وإن كان حادثا : فهو أيضا فعل ، ويفتقر في وقوعه إلى علة أخرى ، والكلام في تلك العلة ؛ كالكلام في الأولى ؛ وهو تسلسل ممتنع.
الصورة السادسة : التماثل ، والاختلاف ؛ فإنه وإن كان حالا زائدا (أبدا (٣)) ؛ فهو غير معلل على ما يأتى في العلل ، والمعلولات (٤).
فإذن قد انقسمت الأحكام ، والأحوال الزائدة : إلى ما يعلل ، وإلى ما لا يعلل ؛ فلم قلتم بأن ما نحن فيه مما يجب تعليله؟
سلمنا أن صحة الرؤية من الأحوال المعللة ؛ ولكن لم قلتم بامتناع التعليل بما به الافتراق بين الأجسام ، والألوان؟
قولكم : يلزم منه تعليل الحكم الواحد بعلل مختلفة ، إنما يلزم أن لو كانت صحة رؤية الجسم ، واللون ؛ حكمين متماثلين. ولا نسلم إمكان التماثل بين شيئين (٥) أصلا ؛ فإن كل شيئين لا بدّ من التغاير بينهما بوجه من وجوه التغاير والتمايز ، [وما به (٦) التمايز (٦)] ، لا بدّ وأن يكون مختلفا ، ولا تماثل مع الاختلاف من وجه.
سلمنا إمكان التماثل في الجملة ؛ ولكن لا نسلم مماثلة صحة رؤية الجسم ؛ لصحة رؤية اللون.
__________________
(١) ساقط من ب.
(٢) فى ب (تقدم).
(٣) ساقط من أ.
(٤) انظر الجزء الثانى ـ الباب الثالث ـ الأصل الثانى : فى تحقيق معنى العلل والمعلولات ل ١١٧ / ب وما بعدها.
(٥) فى ب (الشيئين).
(٦) ساقط من أ.