الوجود ؛ لما سبق من التقرير. والوجود متحقق في حق الله ـ تعالى ـ ؛ وهو غير مدرك باللمس.
سلمنا جواز رؤيته لنا عقلا ؛ ولكن في الدنيا ، أو في الأخرى؟ الأول : ممنوع ، والثانى : مسلم.
وذلك لأنه لا مانع من امتناع الرؤية في الدنيا دون الأخرى بسبب افتراقهما في الشواغل ، والموانع ، والانغماس في الرذائل ، والانهماك على الشهوات العاجلة ، والخلو عنها في الأخرى.
والجواب :
أما منع كون الألوان مرئية ؛ فباطل (١) ؛ لما سبق (١) فى المقدمة.
وأما منع كون الأجسام مرئية ؛ فباطل ؛ لما سبق في أول المسألة.
قولهم : إن الأشكال ، والمقادير عرض آخر ؛ ليس كذلك ؛ بل هى جملة أجزاء الجسم المؤتلفة ؛ ولذلك يزيد بزيادتها ، وينقص بنقصانها.
قولهم : لا نسلم أن صحة الرؤية أمر ثبوتى على ما قرروه.
قلنا : نحن إنما نعلل رؤية الأجسام ، والألوان ، ونعنى بصحة الرؤية ، وقوع الرؤية ؛ وهو أمر وجودى ؛ وليس ذلك (٢) هو نفس إمكان الرؤية ؛ فإنه فرق بين الرؤية ؛ وإمكان الرؤية ؛ وعلى هذا فقد اندفع جميع ما ذكروه في جهة التقرير.
فإن قيل : يلزم على هذا من وجود المصحح في حق الله ـ تعالى ـ وجود الرؤية.
قلنا : بلى بجواز.
وبيانه أنه لو لم تكن الرؤية ممكنة ؛ لكانت واجبة لذاتها ، أو ممتنعة لذاتها.
ولا جائز أن تكون ممتنعة لذاتها ؛ إذ الممتنع لذاته ، لا مصحح له ؛ فلم يبق إلا أن تكون ممكنة ؛ وهو المطلوب.
__________________
(١) فى ب (فجوابه ما سبق) انظر ل ١٢٣ / ب.
(٢) فى ب (كذلك).