ووجه الاحتجاج منه أن النظر قد يطلق / فى لغة العرب بمعنى الانتظار ومنه قوله ـ تعالى ـ (انْظُرُونا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ) (١) : أى (٢) انتظرونا (٢). وقوله تعالى ـ : (ما يَنْظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً) (٣) : أى ينتظرون وقوله ـ تعالى ـ : (فَناظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ) (٤).
ومنه قول الشاعر :
فإن يك صدر هذا اليوم ولى |
|
فإنّ غدا لناظره قريب (٥) |
أى لمنتظره. وإذا استعمل النظر بإزاء هذا المعنى استعمل من غير صلة.
وقد يطلق ويراد به التفكر والاعتبار : واذا استعمل بإزائه وصل بفى. ومنه يقال : نظرت في المعنى الفلانى : أى فكرت فيه ، واعتبرت.
وقد يطلق بمعنى التعطف ، والرأفة. واذا استعمل بالرأفة ، وصل باللام ومنه [قولهم (٦) : نظر فلان لفلان ، أى تعطف عليه ، ورأف به (٦)]
وقد يطلق بمعنى الرؤية والإبصار : وإذا استعمل بإزائه وصل بإلى ، ومنه قول الشاعر:
نظرت إلى من حسّن الله وجهه |
|
فيا نظرة كادت على وامق تقضى |
والمراد به الرؤية. والنظر في الآية موصول بإلى ؛ فوجب حمله على الرؤية والإبصار.
فان قيل : النظر الّذي هو صفة الوجوه إنما يمكن حمله على الرؤية أن لو كانت الوجوه بمعنى الجوارح ؛ وليس كذلك ؛ بل المراد بالوجوه في الآية الأنفس (٧) ، والأشخاص (٧) الشريفة النفيسة بالإيمان دون الجوارح.
__________________
(١) سورة الحديد ٥٧ / ١٣.
(٢) ساقط من ب
(٣) سورة يس ٣٦ / ٤٩.
(٤) سورة النمل ٢٧ / ٣٥.
(٥) القائل : قراد بن أجدع ـ انظر مجمع الأمثال للميدانى ـ المطبعة البهية سنة ١٣٤٢ ه ١ / ٦٣ ، ٦٤.
(٦) فى ب (قوله : نظر فلان لفلان أى تعطف به ورأف به). وفي أ (قولهم : نظر فلان أى تعطف عليه ورأف به).
(٧) فى ب (الأشخص والأنفس).