الأول : المنع ، وبيانه أن المتبادر من لفظ الوجوه عند الإطلاق إنما هو الجوارح ، والأصل في كل ما كان كذلك أن يكون حقيقة فيه. وحيث تطلق الوجوه على الرؤساء ، والأشراف ؛ فإنما كان بطريق المجاز تشبيها بالوجوه ؛ حيث كانت أشرف الأعضاء ، وأجلها.
قولهم : المراد بالوجوه الباسرة الأشخاص ؛ فكذلك الوجوه الناضرة. عنه جوابان :
الأول : لا نسلم أن الوجوه الباسرة هى الأشخاص ، واتصافها بالظن في يوم القيامة على خلاف العادة ؛ غير ممتنع كما في استنطاق الأيدى والأرجل بالشهادة على ما قال ـ تعالى ـ (يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ) (١).
الثانى : وإن لزم (٢) التجوز في الوجوه الباسرة ؛ فلا يلزم التجوز مطلقا.
سلمنا أن لفظ الوجوه غير ظاهر بحكم الوضع في الجوارح ، غير أنه قد اقترن بها ما يدل على كونها هى المرادة.
وبيان (٣) إمكانه (٣) : أنه وصفها بالنضارة ، وهى الإشراق ، وتهلل الأسارير ، وذلك إنما (٤) توصف به الوجوه بمعنى الجوارح ، لا بمعنى الشرفاء ، والرؤساء.
سلمنا أن المراد بالوجوه الأشخاص ، والأنفس ، ولكن ليس في إضافة النظر إليها ما يمنع من حمله على الرؤية إذا كان موصولا بإلى ولو قال ـ تعالى ـ : «أشخاص يومئذ ناظرة إلى ربها ناظرة» ؛ كان ذلك محمولا على الرؤية.
قولهم : إن إلى قد تطلق بمعنى واحد الآلاء ، وبمعنى عند ، عنه جوابان.
الأول : أن ذلك وإن كان سائغا إلا أنه على خلاف الظاهر المتبادر إلى الفهم من إطلاق إلى ؛ فإنها مشهورة للحرفية دون ما ذكروه. والأصل فيما كان كذلك أن يكون هو الحقيقة.
__________________
(١) سورة النور ٢٤ / ٢٤.
(٢) فى ب (لم يقيد).
(٣) فى ب (وبيانه).
(٤) فى ب (أنه).