وقولهم : نظرى إلى الله ، وإلى فلان. معناه (١) أننى أرتقب الخير ، والفرج (١) من الله. وفلان ينظر إلى جهة فلان ، وإلى السماء ؛ إذ هى في نظر أهل اللغة ، والعرف جهة الله ـ تعالى ـ ؛ ولهذا يرفع الناس أيديهم بالدعاء (٢) إليها.
وعلى هذا يكون الجواب عن قول الشاعر :
وجوه ناظرات يوم بدر |
|
إلى الرحمن يأتى بالفلاح (٣) |
وقول الشاعر : إلى الموت من وقع السيوف نواظرا.
فمحمول على الرؤية الحقيقية أيضا ، والمراد به رؤية الكرّ ، والفرّ ، والضّرب ، والطّعن المفضى إلى الموت ، تعبرة باسم المسبب عن السبب ويحتمل أن يكون المراد بالموت أهل الحرب الّذي يجرى الموت على أيديهم تجوزا ، واستعارة.
ومنه قول جرير :
أنا الموت الّذي خبرت عنه |
|
فليس لهارب منه نجاء (٤) |
وقول الشاعر : إنّى إليك لما وعدت لناظر.
فمحمول أيضا على الرؤية. ومعناه ناظر إلى جهتك ارتقب إنجاز الوعد.
وقوله : كل الخلائق ينظرون سجاله : أى يرون. ولا يمتنع حمل النظر المطلق على الرؤية ، وإنما الّذي يمتنع حمل النظر الموصول بإلى على غير الرؤية.
وكذلك أيضا قوله (٥) : نظر الحجيج إلى طلوع هلال. بمعنى الرؤية : ويكون تقدير الكلام : كل الخلائق يرون سجاله كما يرى الحجيج طلوع الهلال.
وقول الشاعر : إلى ملك نحو المغارب ناظرة.
__________________
(١) فى ب (معناه ارتقب الفرج والخير).
(٢) فى ب (فى الدعاء).
(٣) ذكر شارح المواقف ٢ / ٣٧٤ ـ أن أحد الرواة روى هذا البيت برواية أخرى
وجوه ناظرات يوم بكر* |
|
إلى الرحمن يأتى بالفلاح |
وأن قائله من أتباع مسيلمة الكذاب. والمراد بيوم بكر يوم القتال مع بنى حنيفة ؛ لأنهم بطن من بكر بن وائل ، وأراد بالرحمن مسيلمة ؛ وعلى هذا فالجواب ظاهر.
(٤) انظر ديوان جرير ص ١٤. ط دار صادر ببيروت.
(٥) ساقط من ب.