فقد قيل : إن هذا البيت من اخلاف (١) المتأخرين الذين لا احتجاج بأقوالهم.
وإن كان حجة ، فالمراد به الرؤية أيضا. ومعناه (٢) : أنهم ناظرون إلى جهة الملك في المغارب ؛ لارتقاب الإحسان ؛ والإنعام.
وقول الشاعر : وشعث ينظرون إلى بلال.
فالمراد أيضا به الرؤية.
وقوله كما نظر الظماء حيا الغمام فالمراد به الرؤية أيضا ؛ إذ لا يمتنع حمل النظر المطلق على الرؤية كما سبق. / والمراد بحيا الغمام الماء النازل منه الّذي هو سبب الحياة.
ثم وإن سلمنا أن النظر الموصول بإلى قد يطلق بمعنى الانتظار غير أنه مجاز بعيد ، والحقيقة ما ذكرناه ؛ فلا يترك الا بدليل.
وإن سلمنا أنه ظاهر في الانتظار ، غير أنه يمتنع حمل النظر في الآية عليه ؛ لوجوه خمسة :
الأول : هو أن الآية إنما وردت لتبشير المؤمنين ، وتخصيصهم بالإنعام عليهم ، وذلك لا يكون إلا بما هو نعمة ؛ والانتظار نقمة لا نعمة على ما سلف ؛ فيكون بعيدا عن المقصود.
الثانى : أن الانتظار لا معنى له غير (٣) التطلع ، والتوقع لما عساه أن يكون وألا يكون ، ومن يتيقن حصول ما يريده في وقته ، ولا يتخلف عنه على الاستمرار ، والدوام ؛ فلا يسمى منتظرا.
ولهذا لما كان الرب ـ تعالى ـ عالما بما (٤) يريده (٤) فى وقته من غير تخلف لم يسم منتظرا ، وأهل الجنان مستيقنون (٥) بدوام (٥) نعم الله ـ تعالى ـ عليهم ؛ فلا يصح اتصافهم بالانتظار.
__________________
(١) فى ب (اختلاق).
(٢) فى ب (والمراد).
(٣) فى ب (سوى).
(٤) فى ب (بما يقع مما يريده).
(٥) فى ب (مستفنون لدوام).