وعلى هذا / فما هو الجواب فى صحة اتصاف الخبر بكونه كذبا ؛ هو الجواب فى صحة اتصافه بكونه قبيحا.
المسلك الرابع :
أنه لو كان قبح الكذب صفة حقيقية ، لما اختلفت باختلاف الأوضاع ، والاصطلاحات ، وقد اختلفت باختلاف الوضع ، والاصطلاحات ؛ فلا تكون صفة حقيقية.
أما المقدمة الأولى : فبيانها أن الألفاظ ، والأوضاع تابعة للمعانى والمسميات ، والأصل لا يتغير بالتابع ، ولهذا فإن معنى الجسم لما كان أمرا حقيقيا ؛ لم يختلف باختلاف أسمائه.
وأما المقدمة الثانية : فبيانها أن صفة القبح فى قول القائل : قام زيد ، مع عدم قيامه. قد يتغير بأن يجعل الواضع قوله : قام زيد مقام الأمر ، أو (١) النهى (١). أو غير ذلك من أقسام الكلام ، ويخرج ذلك اللفظ عن كونه قبيحا ؛ بل ولو تلفظ به من لا يعرف مدلوله لغة ؛ فإنه لا يوصف بصفة القبح. ولو كان القبح صفة حقيقية ؛ لما تغير بالجهل ، والمعرفة.
وهو ضعيف أيضا ، إذ لقائل أن يقول :
ما المانع من أن يكون قبح الخبر الكاذب مشروطا بكونه موضوعا للخبر ، وعدم مطابقته للمخبر عنه مع علم (٢) المخبر به؟ وأنه مهما اختل شرط من هذه الشروط ؛ فقد خرج عن كونه قبيحا. كما خرج عن كونه كذبا.
والقبح فإنما هو صفة للكذب ؛ فيكون تابعا له فى الوجود ، والعدم.
المسلك الخامس :
أنه لو كان الكذب الّذي لا غرض فيه قبيحا لذاته ؛ لكان الكذب الّذي يستفاد به عصمة دم نبى ، أو ولى عن ظالم يقصد قتله قبيحا ؛ ضرورة كونه كذبا ، وليس كذلك ؛ بل هو حسن ؛ بل واجب يأثم بتركه (٣) إجماعا. ولو كان قبيحا لما كان واجبا.
__________________
(١) فى ب (والتمنى).
(٢) فى ب (العلم).
(٣) فى ب (تاركه).