ولقائل أن يقول :
لا نسلم أن الكذب فى الصورة المفروضة حسن [ولا واجب] (١) ؛ بل الواجب إنما هو دفع الهلاك عن النبي ، وتخليصه مع القدرة عليه ؛ وذلك ممكن بأن يأتى بصورة لفظ الخبر من غير قصد للإخبار ؛ فلا يكون كاذبا فيه فى نفس الأمر ، وإن كان كاذبا فى الظاهر. وإذا لم يكن الكذب متعينا فى الدفع كان الإتيان به قبيحا لا حسنا ، ولا واجبا.
وإن سلمنا تعذر ذكره دون قصد الإخبار ، غير أن الإخبار ممكن دون الكذب بطريق التعريض والتورية / وقصد الإخبار عن غير المسئول عنه.
وعلى هذا : فلا يكون كاذبا فى نفس الأمر ، ولهذا قال عليهالسلام «إنّ فى المعاريض لمندوحة عن الكذب» (٢). وإذا لم يكن الكذب متعينا فى الدفع ؛ لم يكن واجبا ، ولا حسنا. نعم غايته أنه كاذب فى ظاهر الأمر ، دون باطنه ؛ فلا يكون كذبا ، ولا قبيحا فى نفسه.
سلمنا (٣) تعذر الدفع دون الكذب ؛ ولكن لا نسلم مع ذلك وجوبه ولا حسنه ؛ بل الواجب ، والحسن ما لازمه من دفع الهلاك عن النبي عليهالسلام.
ولا نسلم أن اللازم هو نفس الملزوم ؛ فاللازم (٤) واجب حسن (٤) ، والملزوم قبيح ، نعم غاية ما فيه أنه لا يفضى بتحريمه ولزوم الإثم له ؛ لأنه أمر شرعى ؛ فلا يمتنع انتفاؤه مع وجود ما يقتضيه لمانع هو أرجح من المقتضى.
وأما القبح : فصفة حقيقية لا تزول بالمانع ، وإن زال حكمها الشرعى.
المسلك السادس :
لو كان الظلم قبيحا بوجه عائد إليه ؛ للزم منه أمر ممتنع ؛ فيمتنع.
وبيان الملازمة من وجهين :
الأول : أنه يلزم منه تقدم المعلول على العلة.
__________________
(١) فى أ (لا واجب).
(٢) رواه ابن عدى والبيهقى فى السنن عن عمران بن حصين ، ورمز له السيوطى بالضعف «الجامع الصغير ج ١ حديث رقم ٢٣٣٢».
(٣) ساقط من ب.
(٤) فى ب (واللازم حسن واجب).