وإن سلمنا أنه وجود ؛ ولكن لا نسلم أن العدم داخل فى علته.
قولكم : عدم الاستحقاق داخل فى مفهوم الظلم ؛ لا نسلم ذلك.
وإن سلمنا أنه ملازم للظلم ؛ ولكن لا يلزم أن يكون اللازم داخلا فى مفهوم الملزوم.
سلمنا أن عدم الاستحقاق داخل فى مفهوم الظلم ؛ ولكن ما المانع من أن تكون علة القبح من الظلم ما هو الأمر الوجودى فيه؟ ، ولكنه مشروط بالقيد العدمى ؛ فالقيد العدمى شرط لا جزء ، وعلة.
سلمنا امتناع التعليل بمفهوم الظلم ؛ ولكن لا يلزم من امتناع تعليل قبح الظلم بالظلم ، امتناع اتصافه بالظلم حقيقة. وإن لم يكن معلولا ، لا سيما ـ لشيء ما ، وذلك لأن قبح الظلم عندنا من الصفات النفسانية التى لا علة لها : ككون الجوهر جوهرا ، والسواد سوادا ، ونحوه.
المسلك السابع :
هو أن فعل العبد لو كان حسنا ، أو قبيحا لذاته حقيقة ؛ لكان مختارا فيه ، وليس مختارا ؛ فلا يكون حسنا ، ولا قبيحا.
أما بيان المقدمة الأولى : فلأن كل فعل لا يكون العبد مختارا فيه ؛ لا يكون موصوفا بهذه الصفات بالإجماع منا ، ومنهم.
وأما بيان المقدمة الثانية : فهو أنه عند وجود القدرة مع الداعى للعبد على الفعل : إما أن يكون الفعل واجبا : لا يسع تركه ، وإما (١) أنه غير واجب ؛ بل (١) يسع تركه.
فإن كان الأول : فهو مضطر إلى فعله من غير اختيار.
وإن كان الثانى : فإن توقف رجحان الفعل على الترك على مرجح ؛ فالكلام فى الفعل مع وجود ذلك المرجح : كالكلام فى الأول ، وهو تسلسل.
وإن لم يتوقف على مرجح : فإذا حصل كان حصوله اتفاقيا من غير مرجح ؛ فلا يكون العبد مختارا فيه أيضا.
__________________
(١) فى ب (أو غير واجب).