ولقائل أن يقول :
لا نسلم أن فعل العبد غير مختار فيه.
قولكم : إما أن يكون الفعل عند وجود القدرة ، والداعى واجبا ، أو لا يكون واجبا.
قلنا : القدرة الحادثة وإن كانت مخلوقة لله ـ تعالى ـ بالإجماع منا ومنكم ، غير أن تعلقها بالمقدور عندنا ، وإيجاد المقدور ، مستند إلى العبد.
وعلى هذا / فنقول : إن تعلقت القدرة بالفعل ؛ فهو واجب الحصول. وإن لم تتعلق به ؛ فهو غير واجب الحصول.
ووجوب الحصول بتقدير التعلق بدلا عن عدم التعلق ، لا يخرج العبد عن كونه مختارا ؛ لإمكان عدم التعلق بدلا عن التعلق. والاختيار بهذا التفسير هو المعتبر فى اتصاف فعل العبد بالحسن ، والقبح. ولو لا ذلك لكانت أفعال الرب تعالى : إما (١) اضطرارية (١) ، أو اتفاقية. وخرج عن أن يكون مختارا ؛ وهو خلاف الإجماع منا ، ومنكم.
وإن (٢) سلمنا دلالة ما ذكرتموه على امتناع اتصاف فعل العبد بالحسن ، والقبح العقلى ؛ فهو لازم عليكم فى الحسن ، والقبح الشرعى ؛ فإن من كان مضطرا إلى الفعل ، وقدرته غير مؤثرة فيه : كحركة المرتعش ، والنائم ، والمغمى عليه ؛ فإنه لا يوصف فعله بحسن ، ولا قبح شرعى.
فما هو جوابكم فى الحسن ، والقبح الشرعى ؛ هو جوابنا فى العقلى.
ثم وإن سلمنا دلالة ذلك فى أفعال العباد المختارين ؛ فهو غير جائز فى أفعال الله ـ تعالى ـ وإلا لزم أن يكون مضطرا إلى أفعاله ، أو أن يكون وقوع أفعاله اتفاقيا ؛ وهو محال.
وللخصوم (٣) شبه استدلالية ، وإلزامية :
أما الشبه الاستدلالية : فشبهتان :
__________________
(١) فى ب (اضطرارية).
(٢) فى ب (ولئن).
(٣) فى ب (وللخصم).