[الشبهة] (١) الأولى : أنهم قالوا : العقلاء مجمعون على قبح الكذب الّذي لا غرض فيه ، والجهل ، والكفران ، والظلم. وعلى حسن الصدق ، والعلم ، والإيمان ، والعدل. وأنه معلوم بالضرورة من غير إضافة إلى حالة دون حالة ، ولا عرف ، أو (٢) شريعة (٢). ولهذا قد يعتقد ذلك من لا يعرف العرف ، ولا يعتقد شريعة. كالبراهمة ، وغيرهم ؛ فدل [ذلك] (٣) على كون الحسن ، والقبح ذاتيا ، وأنه مدرك بضرورة العقل.
الشبهة الثانية : أنهم قالوا : من عنّ له تحصيل غرض ، واستوى فى تحصيله الصدق ، والكذب فى نظره ؛ مال إلى الصدق ، واثره قطعا ؛ وإن لم يكن عارفا بالعرف ، ولا معتقدا لشريعة. وليس ذلك إلا لحسنه فى نفسه ، وكذلك نعلم أن من رأى شخصا مشرفا على الهلاك وهو يقدر على إنقاذه ؛ فإنه يميل إلى إنقاذه ، وإن كان لا يرجو منه ثوابا ـ بأن لا يكون معتقدا للشرائع ، ولا مجازاة وشكرا ، بأن يكون المنقذ غير عالم به بأن يكون طفلا صغيرا ، أو مجنونا لا يعقل ، ولا ثم (٤) من يرى ذلك (٤) بحيث يتوقع منه الثناء ، والشكر ، ولا / له فيه غرض من نفع ، ولا دفع ضرر ؛ بل ربما كان يتضرر بالتعب (٥) ، والعنا (٥) ؛ فلم يبق إلا أن يكون ذلك لحسنه فى نفسه.
وأما الشبه الإلزامية : فعشر شبه :
الأولى : أنه لو كان السمع هو مدرك الحسن ، والقبح ؛ لما فرق العاقل قبل ورود الشرع بين من أحسن إليه وأساء ؛ وهو ممتنع قطعا.
الثانية : أنه لو لم يكن معنى الحسن ، والقبح مفهوما قبل ورود الشرع ؛ لما فهم ذلك (٦) عند وروده (٦) ؛ واللازم ممتنع.
الثالثة : أنه لو كان حسن الأفعال لكونها مأمورة ، أو مأذونا فيها ؛ لما كان فعل الله ـ تعالى ـ حسنا ؛ إذ هو غير مأمور ، ولا مأذون.
__________________
(١) ساقط من أ.
(٢) فى ب (ولا شريعة).
(٣) ساقط من أ.
(٤) فى ب (والاثم من يراه).
(٥) فى ب (بالعنا والتعب).
(٦) فى ب (عند ورود الشرع).