واتفقوا على أنه يجب على (١) العاقل (١) دفع الضرر عن نفسه عقلا ، وعن غيره شرعا.
وأما القبيح :
فمنقسم أيضا : إلى ما يلحق الذم بفعله : ويسمى حراما. ثم منه ما هو حرام لعينه : كالكذب ، والظلم. ومنه ما هو حرام لغيره : كالفعل الّذي يلزم منه ترك واجب.
ثم اختلفوا : فيما لم يقض العقل فيه بحسن ، ولا قبح.
فمنهم من قال : إنه قبل ورود الشرع على الحظر.
ومنهم / من قال : هو على الإباحة.
ومنهم من قال : هو على الوقف.
وقد احتجّ الأصحاب بالنقل ، والعقل :
أما النقل : فقوله ـ تعالى ـ : (وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً) (٢) ووجه الاحتجاج به : أنه أمن من العذاب قبل بعثة الرسل ؛ فدل على أنه لا وجوب ، ولا حرمة قبل بعثة الرسل ، من حيث أن الواجب : ما لا يؤمن من العذاب على تركه. والحرام : ما لا يؤمن العذاب على فعله. وأن العقل غير موجب ، ولا محرم. وإلا لقال : وما كنا معذبين حتى نرزقهم (٣) عقولا (٣).
فإن قيل : ليس فى الآية ما يدل على ثبوت الأحكام بالشرع.
أما قبل ورود الشرع : فلعدم وروده.
وأما بعد ورود (٤) الشرع (٤) : فمسكوت عنه فى الآية ، والمسكوت عنه ، لا تكون الآية دليلا على ثبوت حكم فيه ، أو نفيه عنه إلا بطريق المفهوم ، ولا نسلم كونه حجة.
__________________
(١) فى ب (للعاقل).
(٢) سورة الإسراء ١٧ / ١٥.
(٣) فى ب (نبعث عقلا).
(٤) فى ب (وروده).