الموجب ، والمحرم قبل البعثة ، وعلى إثباته بعد (١) البعثة (١). غير أن دلالته دون دلالة الأول ، لكونه مفهوما ، ودلالة الأول منطوق بها ، ولا يخفى وجه الكلام عليه نفيا ، وإثباتا.
وأما المسلك العقلى :
فما بيناه فى وجوب النظر من امتناع الإيجاب والتحريم ، بالعقل ، وقد استقصيناه تقريرا ، واعتراضا ، وانفصالا ؛ فعليك بنقله إلى هاهنا (٢) ؛ غير أنه مختص بنفى الوجوب ، والتحريم.
وأما دليل إبطال (٣) الإباحة : فهو أن المباح : إما أن يراد به ما لا حرج فى فعله ، ولا تركه ، وإما أن يراد به ما خير فيه بين الفعل ، والترك ، أو معنى آخر.
فإن كان الأول : فلا ننكر كون الأفعال قبل ورود الشرع مباحة بهذا التفسير. غير أن النزاع واقع فى التسمية ، ولهذا فإن أفعال البارى ـ تعالى ـ لا حرج عليه فى فعلها ، ولا تركها ، وكذلك / أفعال البهائم ، والصبيان ، ولا توصف بكونها مباحة لفظا.
وإن كان الثانى : فالمخيّر بالإجماع لا يخرج عن الشرع والعقل ، ولا شرع قبل ورود الشرع. والعقل : فإنما يخير عندهم فيما لم يقض العقل فيه بحسن ولا قبح ، وإلا فلو كان الفعل حسنا ؛ لكان واجبا ، أو مندوبا عندهم. ولو كان قبيحا ؛ لكان حراما ، أو مكروها ؛ كما سبق من تفصيل مذهبهم.
وعلى هذا : فتخيير العقل ، فرع تحسين (٤) العقل (٤) وتقبيحه ؛ وقد أبطلناه (٥).
ثم يلزم عليه شبهة القائلين بالحظر ، وهو أن العالم ، وما فيه ملك لله ـ تعالى ـ وأن التصرف فى ملك الغير بغير إذنه قبيح. والقبيح لا يكون مخيرا فيه ، ولا يلزم من عدم
__________________
(١) فى ب (بعدها).
(٢) انظر الفصل السابع ل ٢٤ / ب ـ ل ٢٩ / ب.
(٣) فى ب (بطلان).
(٤) فى ب (تحسينه).
(٥) انظر ل ١٧٥ / أوما بعدها.