«المسألة الثالثة»
فى أنه لا يجب رعاية الغرض ، والمقصود فى أفعال الله ـ تعالى ـ
وأنه لا يجب عليه شيء أصلا
مذهب أهل الحق (١) : أن رعاية الحكمة (٢) ، والغرض (٢) فى أفعال الله ـ تعالى ـ غير واجب ، وأنه لا يجب عليه فعل شيء ، ولا تركه.
ووافقهم على ذلك طوائف الإلهين ، وجهابذة الحكماء المتقدمين (٣).
وأجمعت المعتزلة (٤) : / على أن البارى ـ تعالى ـ لا يخلو فعله عن غرض (٥) ومقصود وصلاح للخلق ؛ إذ هو يتعالى ، ويتقدس عن الأغراض ، وعن الضرر ، والانتفاع ، وهو واجب فى فعله ؛ نفيا للعبث عنه فى إبداعه ، وصنعه.
ثم اتفقوا بناء على وجوب رعاية الصلاح فى فعله ، على أن وجوب الثواب على الطاعات والآلام الغير مستحقة كما فى أفعال البهائم ، والصبيان. ووجوب العقاب ، وإحباط العمل الصالح على المعاصى ، وإحباط الصغائر ، عند اجتناب الكبائر ، ووجوب قبول التوبة ، والإرشاد بعد الخلق ، وإكمال العقل إلى وجوه المصالح بالإقدار عليها ، وإقامة الحجج الدالة عليها.
__________________
(١) لتوضيح مذهب أهل الحق وردهم على خصومهم فى هذه المسألة : انظر اللمع للأشعرى ص ١١٥ ـ ١٢٢ والإبانة له أيضا ص ٤٩ والتمهيد للباقلانى ص ٥٠ وأصول الدين للبغدادى ص ٨٢ ، ٨٣ والإرشاد لإمام الحرمين ص ٢٦٨ ـ ٢٧٢ والاقتصاد فى الاعتقاد للغزالى ص ٨١ ، ٨٢ ونهاية الأقدام للشهرستانى ص ٣٩٧ ـ ٤١٦ والمحصل للرازى ص ١٤٨.
ومن كتب الآمدي : غاية المرام ص ٢٢٤.
ومن كتب المتأخرين المتأثرين بالآمدي : انظر شرح طوالع الأنوار ص ١٩٦ ـ ١٩٧ ، وشرح المواقف ٢ / ٤٠١ ـ ٤٠٣ وشرح المقاصد ٢ / ١١٣ ـ ١١٧.
(٢) فى ب (الغرض والحكمة).
(٣) انظر الإشارات لابن سينا ٣ / ١٤٧ ـ ١٥٩ والنجاة له أيضا ٢٨٤ ـ ٢٩١.
ومن الدراسات الحديثة الجانب الإلهي للبهى ص ١٨١ وما بعدها.
(٤) لتوضيح رأى المعتزلة فى هذه المسألة. انظر المغنى للقاضى عبد الجبار ٦ / ٩ ـ ١٢٦ ، ١١ / ٥٨ ـ ١٣٣ ، ١٤ / ٧ ـ ١٨٠ وشرح الأصول الخمسة له ص ٣٠١ وما بعدها والمحيط بالتكليف ص ٢٣٠ وما بعدها.
(٥) فى ب (ضرر).