فإن كان الأول : فهو ناقص بذاته مستكمل بغيره ؛ وهو محال.
وبه يمتنع القسم الثانى. كيف : ويلزم منه عدم الحصول ، لا الحصول.
وإن كان الثالث : فليس القول بالحصول أولى ، من عدمه.
وهو فاسد. فإنه وإن كان حصول الغرض ، وعدم حصوله بالنسبة إلى الله ـ تعالى ـ سواء ؛ فلا يمتنع الفعل ، لعود الغرض إلى المخلوق. وإن أورد التقسيم أيضا على عود الغرض إلى المخلوق. وقيل إما أن يكون حصوله وعدم حصوله بالنسبة إلى الله ـ تعالى ـ سواء ، أو أن أحدهما أولى ، فالجواب الجواب.
وإنما الطريق فى إبطال عودة الغرض إلى المخلوق من وجهين :
الأول : هو أنا لو فرضنا ثلاثة أشخاص : مات أحدهم مسلما قبل البلوغ ، وبلغ الآخران ، ومات أحدهما مسلما ، والآخر كافرا. فمن مقتضى أصول الخصوم (١) على ما استدعاه التعديل أن تكون رتبة المسلم البالغ (٢) فوق (٢) رتبة الصبى المسلم ؛ لكونه أطاع بالغا ، وتخليد الكافر فى الجحيم لكفره.
فلو قال الصبى : يا رب العالمين. لم حرمتنى هذه الرتبة العلية التى أعطيتها للمسلم البالغ ، ولم تمنعه إياها. فلو قدر الجواب : لأنه أطاع بالغا. وقال (٣) الصبى : / فلم لا أحييتني إلى أن أبلغ ، وأطيع ؛ فتحصل لى هذه الرتبة. فلو قدر الجواب : لأنى علمت أنك لو بلغت لعصيتنى ؛ فكان اخترامك هو الأنفع لك ، وانحطاطك إلى هذه الرتبة أصلح لنفسك ؛ فللبالغ الكافر أن يقول : فلم لا أمتنى قبل البلوغ لعلمك بكفرى بتقدير البلوغ ، فلا يبقى لموجب الغرض جواب.
وهذا قاطع فى نفى لزوم الغرض ، لا غبار عليه.
الوجه الثانى : أنا نعلم علما ضروريا أن خلود أهل النار فى النار ، من فعل الله ـ تعالى ـ ونعلم أنه لا فائدة لهم ، ولا غرض فى خلودهم فى النار ، ولا لغيرهم فيه ؛ بل
__________________
(١) فى ب (الخصم).
(٢) فى ب (البالغ أن يكون فوق).
(٣) فى ب (فقد قال).