وأما إماتة الأنبياء : فلعله النافع (١) لعلم الله ـ تعالى (١) ـ أنهم لو عاشوا لتضرروا فى أبدانهم ، أو أديانهم ؛ فكان اخترامهم هو الأنفع لهم ، ويحتمل أن يكون البارى ـ تعالى ـ قد علم أنهم لو عاشوا ؛ لأفضى ذلك إلى فساد بعض الأمة ؛ فكان اخترامهم لذلك ، أولى.
وأما فائدة إنظار إبليس : فيحتمل أن يكون لما فيه من زيادة امتحان المكلفين ؛ لينالوا بسبب مقاومته الثواب الجزيل.
وأما تكليف نوع الإنسان مع ما يلزمه من المشاق ، والآلام فى الدنيا : فلغرض تحصيل الثواب الجزيل فى الآخرة.
وما نقل عن بعض المتقدمين من الكراهية للوجود ، فغايته أنه لم يظهر له الغرض من وجوده ، وما هو النافع له ، وليس فى ذلك ما يدل على عدم الغرض فى / وجوده ؛ بل لعل وجوده الأنفع له. وقد استأثر الله ـ تعالى ـ بعلمه بذلك دونه.
والجواب :
أنا لا ننكر كون الله ـ تعالى ـ حكيما فى فعله ؛ ولكن ذلك يتحقق فيما (٢) يتقنه فى صنعه (٢) ؛ وتحققه على وفق علمه به ، وإرادته ، ولا يتوقف ذلك على أن يكون له فى فعله غرض وغاية ، والعبث إنما يلزم فى فعله بانتفاء الغرض فيه. أن لو كان فعله مما يطلب فيه الغرض ؛ وهو محل النزاع ، وتقبيح صدور ما لا غرض فيه من البارى ـ تعالى ـ فمبنى على فاسد أصولهم بالتحسين (٣) ، والتقبيح الذاتى ، وقياس الغائب على الشاهد وقد أبطلناه فيما تقدم (٤).
وقولهم : غاية ما ذكرتموه عدم العلم بوجود الحكمة والغرض ـ وليس فى ذلك ما يدل على نفى الغرض فى نفسه ـ ليس كذلك.
__________________
(١) فى ب (لا يقع بهم على الله).
(٢) فى ب (بما يتقنه فى صنعته).
(٣) فى ب (من التحسين).
(٤) انظر ل ٤٠ / أ.