وإذا ثبت امتناع رعاية الغرض فى أفعال الله ـ تعالى ـ ؛ فقد بطل القول ، بوجوب رعاية الصلاح ، والأصلح.
ويدل على امتناع ذلك أيضا : أنه لو وجب على الله ـ تعالى ـ رعاية الصلاح ، أو (١) الأصلح (١) ؛ للزم أن تكون القربات ، من النوافل بالنسبة إلى أفعالنا واجبة ؛ لما فيها من صلاحنا ؛ إذ الرب ـ تعالى ـ قد أمر بها ، وندب إليها ، وهو فلا يأمر ، ويندب إلا بما هو صالح ، أو أصلح ؛ فإذا كان فعل الصالح ، أو الأصلح عليه واجبا ؛ كان واجبا بالنسبة إلينا ؛ ضرورة عدم الفرق بين الغائب ، والشاهد.
كيف وأن أصل الخصم فى ذلك : إنما هو قياس الغائب ، على الشاهد ؛ فيمتنع القول بالواجب فى الفرع ، مع امتناعه فى الأصل.
فإن قيل : لا يلزم من وجوب رعاية الصلاح ، والأصلح على الله ـ تعالى ـ وجوب النوافل بالنسبة إلينا ؛ لكونها صالحة ؛ فإن وجوب رعاية ذلك فى حقنا مما يوجب الكد ، والجهد ، وهو إضرار فى حقنا بخلاف البارى ـ تعالى ـ فإنه قادر على نفع الغير ، وصلاحه ، من غير أن يلحقه ضرر ، وجهد ، ولا كدر وتعب ؛ فافترقا. وليس القول بوجوب رعاية الصلاح ، أو الأصلح على الله ـ تعالى ـ مستندا إلى قياس الغائب على الشاهد ؛ ليلزم ما ذكرتموه ؛ بل هو مستند إلى ما ذكرناه من امتناع صدور العبث عن الحكيم فى فعله ، وصنعه.
قلنا : أما ما ذكروه من الفرق ؛ فهو يرجع على قاعدتهم ، فى وجوب الطاعة والشكر على العبيد / فى مقابلة نعم الله ـ تعالى ـ عليهم بالإبطال ، وإن نظر إلى ما يستحقه من الثواب فى مقابلته ؛ فهو باطل ؛ بما أسلفناه. ومع بطلانه ؛ فيلزم القول بمثله فى محل النزاع.
وما قيل : من أن مستند الوجوب فى حق الله ـ تعالى ـ إنما هو نفى العبث ، والقبح عن الله ـ تعالى ـ ؛ فقد سبق جوابه.
وأما ما يخص إبطال القول بوجوب رعاية الأصلح ؛ فمسلكان :
__________________
(١) فى ب (والأصلح).