ومنهم من زاد على هذا ، وزعم أنه ما من جنس من أجناس البهائم ، إلا وفيهم نبى مبعوث إليهم من جنسهم.
ومنهم من زاد على هذا ، وزعم أن (١) جملة (١) الجمادات أحياء مكلفة ، وأنها مجازاة على ما تقترفه من الخير ، والشر.
ثم اختلفوا فى التكليف :
فمنهم من قال بأن الله ـ تعالى ـ كلف الأرواح ابتداء.
ومنهم من قال : لم يكلفها ، غير أنه خيرها ؛ فاختارت التكليف.
ولهم اختلافات كثيرة فى أمر التناسخ وأحكامه ، سنأتى (٢) على إيضاحها عند التصدى للرد (٢) عليهم.
وأما البكرية (٣) : فإنهم لما اعتقدوا قبح الإيلام (٤) لذاته (٤) ، ولم يروا حسنه (٥) بما حسنه المعتزلة ، والتناسخية ، واعتقدوا ورود الأمر بذبح الحيوان من الله ـ تعالى ـ ؛ زعموا أن البهائم لا تتألم ، وكذلك الأطفال الذين لا يعقلون. وعند هذا : فلا بد من تحقيق مذهب أهل الحق أولا. والإشارة إلى إبطال مذاهب الخصوم ثانيا :
أما تحقيق مذهب أهل الحق :
/ فهو أن الآلام ممكنة الوجود ، وكل ممكن الوجود ؛ فوجوده لا يكون إلا بإيجاد الله ـ تعالى ـ على ما سنبينه بعد ، وما يكون فعلا لله ـ تعالى ـ فلا يكون قبيحا فى ذاته ؛ لما سبق فى إبطال التحسين ، والتقبيح (الذاتيين) (٦).
__________________
(١) فى ب (على أن جميع).
(٢) فى ب (سيأتى عند التصدى على الرد).
(٣) البكريّة : هم أتباع بكر بن زياد الباهلى ، المشهور بأنه : بكر بن أخت عبد الواحد بن زيد. كان يوافق المعتزلة فى أمور ، ويوافق أهل السنة فى أمور أخرى ، ومما انفرد به وعاند فيه العقلاء زعمه أن الأطفال فى المهد لا يألمون وإن قطّعوا أو حرّقوا. وأجاز أن يكونوا فى وقت الضّرب ، والقطع ، والإحراق متلذذين مع ظهور البكاء والصياح منهم.
(ميزان الاعتدال ١ / ٣٤٥ ، والفرق بين الفرق ص ٢١٢ ، ٢١٣ ، ومقالات الإسلاميين ١ / ٣٤٢).
(٤) فى ب (الآلام لذاتها).
(٥) فى ب (حسنها).
(٦) فى أ (الذاتى). انظر ل ١٧٥ / أوما بعدها.