طلب القيام من الزمن مع زمانته. ومع هذه الفروق ؛ فلا يلزم من تجويز التكليف فى الأصل المتفق عليه ، جوازه فى محل النزاع.
والجواب :
قولهم : لا نسلم انتفاء القدرة على الفعل قبل الفعل.
قلنا : سيأتى / بيانه (١) ، وإبطال كل ما يتشككون به (١) عليه.
وما ذكروه من الاستدلال بالآيتين ؛ فحاصله يرجع إلى التمسك بالظواهر المحتملة التأويل فى مسائل القطع ؛ فلا تقبل.
وبيان قبولها للتأويل :
أما الآية الأولى : فالاستطاعة وإن احتمل حملها على القدرة وكانت ظاهرة فيه (٢) ، غير أنه (٢) محمول على ما نقله الأئمة عن النبي عليهالسلام من تفسيره الاستطاعة بالزاد ، والراحلة.
ولهذا لا (٣) يجب الحج (٣) على من لا قدرة له على الحركة : كالزمن إذا كان واجدا للزاد ، والراحلة ، ومن يقوم بإركابه ، وإنزاله.
وأما الآية الأخرى : فيحتمل أن يكون المراد من الطاقة الصحة : وهى ما يتأتى معها خلق القدرة المقارنة للفعل عادة وبتقدير إرادته ، ولا مانع منه.
وإن سلمنا امتناع حمله على هذا المحمل ؛ لكنه يحتمل أن يكون الضمير فى قوله ـ تعالى ـ : (يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ) راجعا إلى الفداء. ويكون تقدير الكلام. وعلى الذين يطيقون الفداء فدية ، ويكون معنى طاقة الفداء ملك ما يفتدى به ؛ والفداء وإن لم يكن مذكورا فى الآية غير أنه يجوز عود الضمير إلى ما ليس بمذكور ؛ إذا كان فى الكلام ما يدل عليه كما فى قوله ـ تعالى ـ : (كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ) (٤) الضمير فى عليها عائد على الأرض ،
__________________
(١) فى ب (ابطاله وكل ما سيكون).
(٢) فى ب (غير أنها).
(٣) فى ب (يجب الحج). وفى أ (لا يجب).
(٤) سورة الرحمن ٥٥ / ٢٦.