وأما الفرق السادس : فقد أجاب عنه بعض أئمتنا : أن التكليف ينقسم إلى : تكليف طلب واستدعاء للفعل ، وإلى تكليف تعجيز وإعلام بحلول العقاب.
وعلى هذا فما ورد التكليف به وهو ممكن ؛ فهو تكليف اقتضاء وطلب ، وذلك (١) هو (١) الّذي يستدعى تصور (٢) المطلوب فى نفس الطالب. ويشترط فهمه للمطلوب منه.
وما ورد التكليف به وهو محال لذاته : كالجمع بين الضدين ، وتكليف الزمن بالقيام ؛ فالمراد به التكليف بالاعتبار الثانى. وليس بطلب ؛ فلا يستدعى تصور المطلوب فى نفس الطالب.
وهو بعيد : فإنه إما أن يعترف بأن التكليف بالفعل قبل خلق القدرة عليه ممكن ، أو ليس بممكن ، وإن (٣) قال إنه ممكن مع انتفاء القدرة عليه ؛ ففاسد لما سبق. وإن اعترف بعدم الإمكان ؛ فيلزم منه امتناع ورود التكليف بمعنى الطلب ، والاقتضاء مطلقا ؛ وهو خلاف إجماع الأمة.
والجواب (٤) فى ذلك أن يقال :
قد (٥) بينا أن طلب القيام من القاعد ، مع عدم القدرة عليه ؛ كطلبه من العاجز.
وعند ذلك : فإما أن يكون القيام المطلوب من العاجز متصورا فى نفس الطالب ، وإما أن لا يكون متصورا.
فإن كان متصورا ؛ فقد بطل الفرق.
وإن لم يكن متصورا ؛ فهو أيضا غير متصور مع عدم القدرة.
ويلزم من ذلك : إما الاستواء فى جواز التكليف ، أو فى عدمه. والاستواء فى عدم جواز التكليف محال ، ضرورة الاتفاق على (٦) جواز تكليف القاعد / الّذي ليس عاجزا بالقيام.
فلم يبق إلا الاستواء فى جواز التكليف.
__________________
(١) فى ب (وهو).
(٢) فى ب (حصول).
(٣) فى ب (فإن).
(٤) فى ب (والحق).
(٥) فى ب (إنا قد).
(٦) فى ب (فى).