«المسألة السادسة»
فى أنه هل لله ـ تعالى ـ على من علم إصراره على الكفر نعمة ،
أم لا؟ وفى معنى الحمد ، والشكر ، والتعظيم
ولا نعرف خلافا بين أصحابنا فى أن الله ـ تعالى ـ ليس له نعمة دينية على من علم الله ـ تعالى ـ إصراره على الكفر.
وأما النعم الدنيوية : فقد اختلف فيها جواب الشيخ أبى الحسن الأشعرى / فأثبتها تارة ، ونفاها أخرى.
ووافقه على كل واحد من القولين جمع كثير من أصحابه (١). وميل القاضى أبى بكر إلى الإثبات.
وأجمعت المعتزلة : على أن الله ـ تعالى ـ أنعم على الكفار بالنعم الدينية ، والدنيوية (٢).
ونحن الآن نذكر (٣) حجة كل فريق ، وننبه على ما فيها. ثم نذكر ما هو المختار إن شاء الله ـ تعالى ـ.
أما من نفى النعمة (٤) الدينية ، والدنيوية :
فقد احتج على ذلك بأن النعمة هى اللذة الخالصة ، عما يلزمها من الضرر المساوى ، أو الراجح فى العاجل ، والآجل ؛ وذلك غير متحقق فى حق من علم الله ـ تعالى ـ أنه يموت على كفره ؛ فإن ما أمده به من أسباب الترفه ، والتنعم ، وإزاحة العلل وخلق الشهوات ، والتمكن من إدراك اللذات ، والمرادات ، ونصب الأدلة ، والآيات الدالة على الهداية ، والحث على ذلك ببعثة الرسل المؤيدين بالمعجزات القاطعة ، وتكميل العقل وآلة الإدراك ؛ لتحصيل السعادة الأخروية ، وإن كانت على صور النعم ؛ فهى نقم على الحقيقة ؛ وليست نعما.
وبيانه : هو أن ما يلزمها من الإضرار راجح عليها ، وما يكون الإضرار اللازم منه راجحا عليه ، لا يكون نعمة.
__________________
(١) فى ب (أصحابنا).
(٢) انظر الأصول الخمسة ص ٥٢٥ ، ٥٢٦.
(٣) فى ب (نثبت).
(٤) فى ب (النعم).