«المسألة الثالثة»
فى أنه ـ تعالى ـ ليس بعرض (١)
وقد اتفق العقلاء على أن الرب ـ تعالى ـ ليس بعرض ؛ لأنه لو كان عرضا : فإما أن يكون من جنس الأعراض ، أو لا يكون من جنس (٢) الأعراض (٢).
فإن كان من جنس الأعراض : فهو ممتنع لأربعة أوجه :
الأول : أنه لو كان من جنسها ؛ لكان ممكنا ، أو كانت باقى الأعراض واجبة ؛ ضرورة التساوى فى معنى العرضية ؛ وهو محال.
الثانى : أنه لو كان من جنسها : فإما أن يفتقر إلى محل يقوم به ، أو لا يفتقر.
فإن كان الأول : خرج عن كونه واجب الوجود لذاته ؛ لافتقاره إلى ما يقوّمه فى وجوده.
وإن كان الثانى : لزم منه استغناء باقى الأعراض عن المحل ، ضرورة الاتحاد فى معنى العرضية.
الثالث : أنه لو كان عرضا لاستحال بقاؤه على ما يأتى. وخرج عن كونه واجب الوجود لذاته.
الرابع : أنه قد ثبت كون الرب ـ تعالى ـ متصفا بالصفات النفسانية من العلم ، والقدرة ، وغير ذلك. وهذه الصفات معان ؛ فلو كان عرضا ؛ لكان معنى. والمعنى لا يقوم بالمعنى ، على ما يأتى تحقيقه. هذا إن كان من جنس الأعراض.
وإن لم يكن من جنسها : فحاصل النزاع راجع إلى اللفظ دون المعنى ؛ كما سبق ، ولا وجه لإطلاقه مع عدم ورود الشارع به ، والله أعلم.
__________________
(١) انظر الإرشاد لإمام الحرمين ص ٤٤ والاقتصاد فى الاعتقاد للغزالى ص ٢١ وغاية المراد للآمدى ص ١٨٦. ومن كتب المتأخرين المتأثرين بالآمدي :
انظر شرح الطوالع ص ١٦٢ والمواقف للإيجي ص ٢٧٣ وشرح المقاصد ٢ / ٤٨.
ومن كتب المعتزلة : انظر شرح الأصول الخمسة ص ٢٣٠ وما بعدها.
(٢) فى ب (جنسها).