«المسألة الرابعة»
فى بيان امتناع حلول الحوادث (١) بذات الرب ـ تعالى. (٢)
وقبل (٣) الخوض فى الحجاج لا بد من تخليص محل النزاع فنقول / المراد بالحادث المتنازع فيه ، الموجود بعد العدم ، كان ذاتا قائمة بنفسها : كالجواهر ، أو صفة لغيره : كالأعراض.
وأما ما لا وجود له : كالعدم ، أو الأحوال عند القائلين بها ؛ فإنها غير موصوفة بالوجود ، ولا بالعدم : كالعالمية ، والقادرية ، والمريدية ، ونحو ذلك. أو الكسب ، والإضافات ؛ فإنها عند المتكلم أمور وهمية لا وجود لها. فما تحقق من ذلك بعد أن لم يكن فيقال له متجدد ، ولا يقال له حادث.
وعند هذا فنقول :
اتفق العقلاء من أرباب الملل ، وغيرهم على استحالة قيام الحوادث بذات الرب ـ تعالى ـ غير المجوس (٤) ، والكرامية ، فإنهم اتفقوا : على جواز قيام (٥) الحوادث بذات الرب ـ تعالى (٥) ـ. غير أن الكرامية لم يجوزوا قيام كل حادث بذات الرب ـ تعالى ـ ؛ بل قال أكثرهم : هو ما يفتقر إليه فى الإيجاد ، والخلق.
__________________
(١) فى ب (الحادث).
(٢) انظر لمع الأدلة لإمام الحرمين ص ٩٤ وما بعدها والإرشاد له أيضا ص ٣٣.
ومن كتب الآمدي غاية المرام ص ١٨٦ وما بعدها.
ومن كتب المتأخرين :
انظر شرح الطوالع ص ١٥٩ والمواقف ص ٢٧٥ وشرح المقاصد ٢ / ٥٢.
(٣) نقل ابن تيمية فى كتابه (درء تعارض العقل والنقل ٤ / ١٨ ـ ٢٢) ما ذكره الآمدي من أول قوله : «وقبل الخوض فى الحجاج ... إلى قوله : فيتجدد له صفة سلب بعد أن لم تكن» ثم علق عليه وناقشه فى الصفحات التالية ص ٢٢ وما بعدها وقد بدأ ابن تيمية النقل بقوله : «فصل : ونحن نذكر ما ذكره أبو الحسن الآمدي فى هذا الأصل ونتكلم عليه. قال فى كتابه الكبير المسمى «أبكار الأفكار» المسألة الرابعة من النوع الرابع الّذي سماه إبطال التشبيه فى بيان امتناع حلول الحوادث بذاته تبارك وتعالى».
(٤) المجوس والمجوس ممن لهم شبهة كتاب وقد أثبتوا أصلين. وزعموا أنهما لا يجوز أن يكونا قديمين أزليين ؛ بل أحدهما وهو النور ؛ أزلى. أما الظلمة فمحدثة.
ومن فرقهم الرئيسية : الكيومرثية : أصحاب المقدم الأول كيومرث. والزروانية ، والزردشتية.
(انظر المغنى ٥ / ٧١ ـ ٧٩ والملل والنحل ٢ / ٣٥ ـ ٤٩. ونشأة الفكر الفلسفى ١ / ٢٣٩ وما بعدها).
(٥) من أول (قيام الحوادث ...) الموجود بدلها فى نسخة (ب) : (ذلك).