وذهب الشيخ أبو الحسن الأشعرى ، وأكثر أئمتنا (١) : إلى أن اللطف شيء مخصوص ، وهو خلق القدرة على فعل الصلاح من الإيمان والطاعة.
وهو الأقرب من جهة أن كل ما يقدر سوى القدرة على فعل الصلاح قد لا يقع معه الصلاح والقدرة الحادثة ، على أصل الشيخ كما سنبينه ، مقارنة للمقدور ، وهو ملازم لها ؛ فكانت بوصف / اللطيف ، أولى من غيرها.
وبالجملة : فحاصل هذا الخلاف آئل إلى الاصطلاح اللفظى ، والأمر فيه قريب ، بعد فهم المعنى.
وإنما الّذي يجب الاعتناء بإبطاله ، القول بوجوب اللطف على الله ـ تعالى ـ وأنه ليس فى مقدور (٢) الله ـ تعالى (٢) ـ لطف لو فعله لآمنت الكفرة.
أما الأول : فقد سبق إبطاله فى مسألة نفى وجوب الغرض فى أفعاله (٣).
وأما الثانى : فمع أنه مراغم لقوله ـ تعالى ـ (وَلَوْ شاءَ اللهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدى) (٤) وقوله ـ تعالى ـ : (وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً واحِدَةً) (٥) فهو مبنى على فاسد أصولهم فى وجوب اللطف على الله ـ تعالى ـ ، وأنه لو كان فى مقدوره لطف لفعله ؛ كى لا يكون تاركا الواجب ؛ وقد أبطلناه.
__________________
(١) لتوضيح مذهب الأشاعرة فى هذه المسألة :
انظر الإبانة للأشعرى ص ٤٩ ، ٥٠ والإرشاد لإمام الحرمين ص ٣٠٠ ، ٣٠١ ونهاية الأقدام للشهرستانى ص ٤٠٧ ـ ٤١٠.
ومن كتب المتأخرين المتأثرين بالآمدي : شرح طوالع الأنوار ص ١٩٦ وشرح المواقف ٢ / ٣٩٩ وشرح المقاصد ٢ / ١١٨.
(٢) فى ب (مقدوره).
(٣) فى ب (أفعال الله ـ تعالى ـ) انظر ل ١٨٦ / أوما بعدها.
(٤) سورة الأنعام ٦ / ٣٥.
(٥) سورة هود ١١ / ١١٨.