وأما الخذلان :
فهو عند الشيخ أبى الحسن ، وأصحابه ضد التوفيق. فكما أن التوفيق : خلق القدرة على الطاعة ؛ فالخذلان : خلق القدرة على المعصية ؛ وهو على وفق العرف اللغوى.
فإن الخذلان فى عرف أهل اللغة المنع من درك المراشد ، وقطع الأسباب المعينة عليها ، وخلق القدرة على الكفر إذا كانت مقارنة للكفر ، مانعة من درك المراشد ؛ فكان (١) ذلك خذلانا.
وأما البصريون من المعتزلة فقالوا : الخذلان هو ذم الله ـ تعالى ـ للعصاة ، وتوبيخه لهم.
وأما الكعبى فقال : الخذلان عبارة عن قطع الألطاف ، المعبر عنها بالتوفيق عنده كما سبق تعريفه.
والمذهبان بعيدان :
أما الأول : فلأنه على خلاف الإشعار اللغوى.
وأما الثانى : فلأن ما قطع من اللطف : إما أن يكون ممكن الوجود ، أو غير ممكن.
فإن كان الأول : فهو واجب على الله ـ تعالى ـ عنده ؛ فيمتنع قطعه.
وإن كان الثانى : فما ليس ممكنا لا يكون قطعه لله ممكنا ، وليس القول بكون الله خاذلا للكافر باعتبار أنه لم يخلق اللطف فى حقه ، أولى من كون الواحد منا خاذلا له بهذا الاعتبار ؛ ضرورة الاشتراك فى عدم الاقتدار عليه.
وبالجملة : فالبحث أيضا فى هذه المسألة لفظى. واللغة / ما ذكرنا ، ولا حرج فى الاصطلاح بعد فهم المعنى.
__________________
(١) فى ب (وكما أن).