وعلى هذا فلا يتصور تأقيت أمر ما بالقديم ؛ لعدم تجدده ؛ وسواء كان ذلك القديم عدما ، أو وجودا ، وكذا لا يتصور تأقيت القديم بوقت ؛ لأن الوقت متجدد كما سبق. والقديم فلا يكون موقتا فى تحققه بالمتجدد ، وإلا لكان القديم متجددا ، أو المتجدد قديما ؛ وهو محال. بلى إن قيل بأن القديم يتفق وجوده ، مع وجود المتجدد من غير تأقيت بالتفسير المذكور ، فهو حق. وذلك كما يقال : وجود الرب ـ تعالى ـ فى الآن مع وجودنا.
فإن قيل : ما ذكرتموه فى تفسير الأجل مخالف للإشعار اللغوى ؛ إذ الأجل فى اللغة مشعر بالتأخير إلى أمد معلوم ، ومنه سمى الدين مؤجلا نظرا إلى تأخير المطالبة إلى وقت معلوم.
قلنا : ليس كذلك ؛ بل الأجل فى اللغة هو التقدير بالوقت ، والتخصيص به ، غير أن المؤجل : أى الموقت ، قد يكون تأخيرا : كتأخير (١) المطالبة فى وقته المقدر ، فأجل تأخير المطالبة هو وقته ، وأجل الأداء هو وقته.
وأما أنه هل / يجوز قطع الأجل المقدّر فى حكم الله ، أم لا؟
فقد اختلف المتكلمون فيه :
فذهبت الأشاعرة وغيرهم : إلى امتناع ذلك ، وأن من قتل ظلما ، أو بحق ؛ فقد فاضت نفسه فى الأجل المحتوم من غير زيادة ، ولا نقصان.
ووافقهم على ذلك الجبائى ، وأبو هاشم ، ومتأخرى المعتزلة.
وأما المتقدمون من المعتزلة فقد اختلفوا :
فمنهم من قال : من مات حتف (٢) أنفه ؛ فقد مات بأجله ، ومن قتل ؛ فقد انقطع أجله بالقتل ، وأنه لو لم يقتل ؛ لبقى إلى وقته المقدر.
ومنهم من قال بجواز الحياة ، والموت ، بتقدير عدم القتل.
__________________
(١) فى ب (لتأخير).
(٢) فى ب (على حتف).