ومنهم من فصل وقال : إذا اتفق هلاك عدد كثير بحريق ، أو غرق ، أو غير ذلك ، أمكن أن يقال فى بعضهم من غير تعيين أنه لو قدر عدم ذلك السبب ؛ لجاز أن يبقى ، وأن يموت.
ولا جائز (١) أن يقال فى الكل أنه لو قدر عدم ذلك السبب فى حقهم ؛ لجاز موت الكل معا من غير سبب ؛ إذ هو خرق للعادة ، وخرق العادة لا بجهة الإعجاز ، قدح فى المعجزات ، وهذا بخلاف الواحد ، أو الاثنين ، وما (٢) لا ينتهى الحال فيه إلى خرق العادة.
وذهب أبو الهذيل العلاف منهم : إلى أن من قتل لو لم يقتل ؛ لمات قطعا ، ولما تصور تقدير بقائه.
وأما الرد على من قال بوجوب البقاء بتقدير عدم القتل ، وأن القتل (٣) قاطع للأجل المحتوم المقدر ؛ فمن جهة الاستدلال ، والإلزام.
أما الاستدلال :
فهو أن من قتل فى وقت معلوم ، لا يخلو : إما أن يكون وقوع قتله فى ذلك الوقت معلوما لله ـ تعالى ، أو غير معلوم له.
لا جائز أن يكون غير معلوم له : وإلا كان الرب ـ تعالى ـ جاهلا بعواقب الأمور ؛ وهو محال.
وإن كان عالما به : فلا بد من وقوعه فى ذلك الوقت ، وإلا كان علمه جهلا ؛ وهو محال أيضا.
وإذا كان كذلك استحال أن يكون له أجل يحيى فيه بعد ذلك الوقت فى علم الله ـ تعالى ـ لما فيه من التناقض فى معلوم الله ـ تعالى ـ فبان أن أجله المقدر ، إنما هو وقت قتله لا غير ، وأن القتل لم يكن قاطعا.
وأما من جهة الإلزام : فمن ثلاثة أوجه :
__________________
(١) فى ب (ولا يجوز).
(٢) فى ب (مما).
(٣) فى ب (القطع).