وأما المقصد :
فهو أن جميع الممكنات مقدورة للرب ـ تعالى ـ من غير واسطة ، وأن (١) حدوثها ليس إلا عنه. هذا هو مذهب أهل الحق.
خلافا للفلاسفة ، والطبائعيين ، وأصحاب التولد ، والصابئة ، والمنجمين ، والثنوية ، والمعتزلة ، والشيعة على ما سيأتى تفصيل مذهب كل فريق فى موضعه (٢).
وقد احتج الأصحاب بمسالك :
الأول : أنه لو كان شيء سوى الله ـ تعالى ـ / موجدا لشيء من الممكنات الحادثة ؛ لكان علة لكل حادث ، واللازم ممتنع ؛ والملزوم مثله.
بيان الشرطية : هو أنه إذا كان شيء علة لوجود بعض الحوادث ؛ فالمعلول من كل حادث وجوده ، ومسمى الوجود متحد فى جميع الحوادث ، فما كان علة له فى البعض ، كان علة له فى الباقى ؛ ضرورة اتحاد المعلول.
وبيان امتناع اللازم : هو أن كل من خالف فى هذه المسألة معترف بأن ما أوجد بعض الحوادث ليس علة لكل حادث ، على ما سيأتى تحقيقه فى مواضعه بعد.
ولقائل أن يقول :
هذا إنما يلزم أن لو كان مسمى الوجود مشتركا بين الحوادث ؛ وليس كذلك على ما (٣) سلف.
وإن سلمنا أن مسمى الوجود مشترك ، فما المانع من أن يكون تأثير العلة فى وجود بعض الحوادث مشروطا بما به التعين؟ ، وما به التعين غير مشترك ؛ فلا يلزم الاشتراك فى المعلومية لتلك العلة الواحدة.
وإن سلمنا عدم الافتراق ؛ ولكن غاية ما فيه إلزام الخصم ، بإبطال الملزوم ؛ ضرورة تصويبه فى اللازم ، وليس ذلك أولى من التخطئة فى اللازم ؛ ضرورة تصويبه فى الملزوم.
__________________
(١) فى ب (ولا).
(٢) انظر ل ٢١٧ / ب وما بعدها.
(٣) فى ب (ما سيأتى). انظر ل ٥٠ / ب وما بعدها.