وعند ذلك : فلا مانع من القول بأن خصوص تعينه هو العلة لصحة المقدورية ، أو أن العلة مجموع الأمرين ، أو أن العلة خصوص التعين ، (١) والإمكان شرط ، أو أن الإمكان شرط علة (١) ، وخصوص التعين جزء شرط. وعلى كل تقدير فيمتنع تعدى الحكم إلى غيره ضرورة عدم الاشتراك فيما به التعين.
وإن قيل بأن الإمكان كان فى التصحيح ؛ فدعوى مجردة عن الدليل ، وليس ذلك أولى من القول بأن خصوص التعين كاف ، وأن (٢) ذلك لا يتم إلا بالجموع.
وإن سلمنا دلالة ما ذكرتموه على أن الإمكان هو العلة المصححة ؛ ولكن لا يلزم من الاشتراك فيه بين الحوادث ، الاشتراك فى المقدورية لله ـ تعالى ـ وإلا للزم (٣) من كون بعض الحوادث ـ وهى أفعال العباد المختارين ـ مقدورة لهم ، أن تكون صحة المقدورية للعبد أيضا معللة بالإمكان ؛ لاستحالة تعلق القدرة الحادثة بالواجب والممتنع ، كما ذكرتموه ، ولا بد لها من علة مصححة ، ولا مصحح غير الإمكان ، وهو مشترك بين مقدور العبد ، وما عداه من الأجسام ، والأعراض الخارجة عن محل قدرة العبد ، وما لزم من ذلك أن تكون الأجسام والأعراض الخارجة عن محل قدرة العبد مقدورة له ، فكذلك فيما نحن فيه.
وما وقع به الافتراق من تأثير القدرة القديمة فى مقدورها دون القدرة الحادثة ؛ فخارج عن محل الجمع ؛ فإن القدرة الحادثة ، وإن لم تؤثر فى مقدورها فيصح أن يقال بأن الفعل القائم بمحلها هو مقدور لها دون غيره ، وصحة هذه المقدورية ، تستدعى مصححا كما فى المقدورية بجهة التأثير.
وربما وردت عليه أسئلة أخرى يمكن الانفصال عنها نبهنا عليها فى مسألة الرؤية ؛ فلا حاجة إلى ذكرها.
المسلك الثالث :
هو أنه قد ثبت أن الإمكان صفة مشتركة بين الممكنات ، وأنه هو المحوج إلى المؤثر.
__________________
(١) فى ب (بالإمكان شرط ، أو أن الإمكان شرط ، أو أن الإمكان جزء علة).
(٢) فى ب (أو أن).
(٣) فى ب (لزم).