وعند ذلك : فإما أن يكون الإمكان محوجا إلى مؤثر معين ، أو غير / معين.
لا جائز أن يكون غير معين ؛ لأن ما لا يكون معينا فى نفسه ، لا يكون موجودا ، وما لا يكون موجودا ، لا يكون علة لوجود غيره.
وإن كان معينا : فذلك المعين : إما أن يكون ممكنا ، أو واجبا.
لا جائز أن يكون ممكنا : وإلا كان (١) إمكان ذلك الشيء يحوجه إلى نفسه ؛ فيكون موجدا لنفسه ، وكل ما وجد بنفسه ؛ فهو واجب ، وليس بممكن ؛ وهو خلاف الفرض.
وإن كان واجبا ؛ فهو المطلوب.
ولقائل أن يقول :
لا نسلم أن الإمكان هو المحوج إلى المؤثر ؛ بل هو شرط الاحتياج إلى المؤثر ، ولا يلزم من الاشتراك فى شرط التأثير الاشتراك فى المحوج إلى المؤثر.
وإن سلمنا أن الإمكان هو المحوج إلى المؤثر ، وأن المؤثر فى الوجود لا بد وأن يكون معينا ؛ ولكن معينا واحدا ، لإيجاد جميع الممكنات ، أو لكل ممكن (٢) معينا بحسبه (٢) ، الأول ؛ ممنوع (٣). والثانى ؛ مسلم (٣).
وعند ذلك : فلا يلزم من كون الإمكان محوجا فى كل حادث إلى معين يخصه ، أن يكون كل معين بتقدير أن يكون ممكنا موجدا لنفسه ؛ بل جاز أن يكون وجوده بإيجاد غيره له ، وإن كان هو موجدا لغيره.
المسلك الرابع.
هو أنه قد ثبت أن البارى ـ تعالى ـ قادر : إما بذاته ، أو بواسطة قيام القدرة بذاته ؛ فذاته مستلزمة لكونه قادرا : إما بواسطة ، أو بغير واسطة. وعلى كلا التقديرين ؛ فنسبة ذاته إلى جميع الجائزات نسبة واحدة ؛ فيلزم أن يكون قادرا على جميع الممكنات. وإذا كان قادرا على جميع الممكنات ؛ فلو أمكن إسناد بعض الممكنات إلى غيره فى
__________________
(١) فى ب (لكان).
(٢) فى ب (معين بجنسه).
(٣) فى ب (مسلم ، والثانى ممنوع).