السبب هو الذات ، ولا خارج عنها. ولا يلزم من دوام القدرة ، دوام المقدور ، وإلا كان العالم قديما ، وهو محال.
فإن قيل : إذا كان المرجح للصفة الحادثة ، هو القدرة القديمة والاختيار ؛ فلا بد وأن يكون الرب ـ تعالى ـ قاصدا لمحل حدوثها ، ومحل حدوثها ليس إلا ذاته ؛ فيجب أن يكون قاصدا لذاته (١) ، والقصد إلى الشيء يستدعى كونه فى الجهة ؛ وهو باطل (٢) ، ثم ولجاز قيام كل حادث ، (٣) وهو محال (٣).
وأيضا فإن الصفة الحادثة عند الكرامية إنما هى قوله كن ، والإرادة التى هى مستند وجود المحدثات.
وعند ذلك : فلا حاجة إلى الحادث الّذي هو القول ، أو الإرادة ؛ لإمكان إسناد جميع المحدثات إلى القدرة القديمة.
قلنا : أما الأول : فمندفع ، فإن القصد إلى إيجاد الصفة ، وإن استدعى القصد إلى محل حدوثها ، فإنما يلزم من ذلك أن يكون المحل فى الجهة أن لو كان القصد بمعنى :
الاشارة إلى الجهة. وليس كذلك ؛ بل بمعنى : إرادة إحداث الصفة فيه ، وذلك غير موجب للجهة. ثم وإن كان القصد إلى إيجاد الصفة فى المحل يوجب كون المحل فى جهة ؛ فيلزم من ذلك امتناع القصد من الله ـ تعالى ـ إلى إيجاد الأعراض ؛ لأن القصد إلى إيجادها يكون قصدا لمحالها ، ويلزم من ذلك أن تكون محالها فى الجهات ، والقصد إلى ما هو فى جهة ممن ليس فى الجهة محال. وذلك / يفضى إلى أن يكون الرب ـ تعالى ـ فى الجهة عند قصد خلق الأعراض ؛ وهو محال.
والقول بأنه إذا جاز خلق بعض الحوادث فى ذاته ، جاز خلق كل حادث ، فدعوى مجردة ، وقياس من غير جامع ؛ وهو باطل على ما أسلفناه فى تحقيق (٤) الدليل.
وأما الثانى : فحاصله يرجع إلى لزوم رعاية الغرض (٥) ، والحكمة (٥) فى أفعال الله تعالى ؛ وهو غير موافق لأصولنا.
__________________
(١) فى ب (إلى ذاته).
(٢) فى ب (محال).
(٣) فى ب (وهو أيضا محال).
(٤) فى ب (قاعدة). انظر ل ٣٩ / أ.
(٥) فى ب (الحكمة والغرض).