فإن كان المؤثر غير الله ـ تعالى ـ : فعند تأثيره فيها : إما أن يقال بإمكان تأثير قدرة الله ـ تعالى ـ فيها ، أو لا يقال بذلك.
فإن قيل بعدم إمكان تأثير قدرة الله ـ تعالى ـ فيها : فهو عاجز عنها ، وليست مقدورة له. وهو مع مخالفته للفرض يوجب كون الرب ـ تعالى ـ عاجزا عن بعض / الممكنات ؛ وهو محال كما تقدم (١).
وإن قيل بإمكان تأثير القدرة القديمة فيها ، فعند اجتماع المؤثرين : إما أن يكون وجود ذلك الحادث بهما ، أو بأحدهما ، أو لا بواحد منهما.
فإن كان لا بواحد منهما : ففيه تعجيز الرب ـ تعالى ـ ؛ وهو محال. وإن وجد بهما : فهو محال ؛ لما سيأتى في امتناع مخلوق بين خالقين (٢). وإن وجد بأحدهما دون الآخر : فإن كان المعطل هو الله (٣) ؛ فقد عجز ؛ وهو على الله محال ، وإن كان المعطل غيره ؛ فهو المطلوب.
وعلى هذا : فقد بطل أن يكون المؤثر فى الوجود مجموع المؤثرين معا ، فلم يبق إلا القسم الأول ، وهو المطلوب.
فإن قيل : إنما يلزم من كونه غير قادر على بعض الممكنات ، أن يكون عاجزا أن لو أمكن أن يكون مقدورا له. وما لا يمكن أن يكون مقدورا له فلا يقال : إنه معجوز عنه ، ولهذا : فإنه لما كان الجمع بين الضدين غير ممكن أن يكون مقدورا للرب ـ تعالى ـ لم يوصف الرب ـ تعالى ـ بالعجز عنه.
وإن سلمنا أنها مقدورة للرب ـ تعالى ـ ولكن لم قلتم إنها يجب أن تكون موجودة بإيجاده؟ وما المانع من أن تكون مقدورة له غير موجودة بقدرته؟ كما قلتم فى أفعال العبيد المختارين إنها مقدورة لهم ، وإن كانت قدرتهم غير مؤثرة فيها ، مع كونها مقدورة له لا يوصف بالعجز عنها إذا لم يكن هو الموجد لها : كالعبد بالنسبة إلى أفعاله المقدورة له.
__________________
(١) انظر ل ١٦٤ / ب وما بعدها.
(٢) انظر ل ٢١٧ / ب وما بعدها.
(٣) فى ب (الإله).