الرابعة : قوله ـ تعالى ـ : (الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ) (١) دل على أنه لا يخلق إلا الحسن ؛ فالقبيح يجب أن يكون مخلوقا لغيره.
الخامسة : قوله ـ تعالى ـ : (ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللهِ وَما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ) (٢).
السادسة : قوله ـ تعالى ـ (جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ) وقوله : (وَاللهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ) (٣). وقوله ـ تعالى ـ : (اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ) (٤) (٥) إلى غير ذلك (٥) من الآيات الدالة على إضافة العمل إلى العباد. والعمل المضاف إلى شخص لا يمكن أن يكون مضافا إلى غيره.
والجواب عن الإشكال الأول : أن ما أمكن أن يكون مقدورا لله ـ تعالى ـ فلا يوصف بكونه عاجزا عنه ، وإنما يوصف بالعجز عما لا يمكن أن يكون مقدورا له مع إمكان ذلك الشيء فى نفسه. والجمع بين الضدين ؛ فغير ممكن في نفسه ؛ فلا يكون بعدم القدرة عليه عاجزا عنه ؛ كما حققناه فى مسألة العجز (٦).
وعن الثانى : أنه لا معنى لكون الشيء مقدورا بالقدرة غير إمكان تأثير القدرة فيه ، أو أن الأثر قائم بمحل القدرة ، وواقع على وفق الإرادة كما هو مذهبنا فى أفعال العبيد المختارين.
فإذا كانت قدرة الرب ـ تعالى ـ غير مؤثرة فى الحادث ، ولا هو قائم بمحل قدرة الله ـ تعالى ـ ؛ لاستحالة قيام الحوادث بذات الرب ـ تعالى ـ كما سبق بيانه (٧) ، فلا معنى لكونه مقدورا لله ـ تعالى ـ ؛ وما لا يكون مقدورا له ـ مع إمكانه فى نفسه ـ ؛ فهو معجوز عنه.
__________________
(١) سورة السجدة ٣٢ / ٧.
(٢) سورة النساء ٤ / ٧٩.
(٣) سورة آل عمران ٣ / ١٥٣.
(٤) سورة فصلت ٤١ / ٤٠.
(٥) فى ب (إلى غيرها).
(٦) انظر ل ١٦٤ / ب وما بعدها.
(٧) ساقط من ب. انظر ل ١٤٦ / أوما بعدها.