الحجة (١) الرابعة :
أنه لو قامت الحوادث بذاته ؛ لكان متغيرا. والتغير على الله ـ تعالى ـ محال. ولهذا قال (الخليل (٢)) عليهالسلام : (لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ) (٣) أى المتغيرين.
ولقائل أن يقول :
إن أردتم بالتغير حلول الحوادث بذاته ؛ فقد اتحد اللازم والملزوم ، وصار حاصل الشرطية : لو قامت الحوادث بذاته / ؛ لقامت الحوادث بذاته ؛ وهو غير مفيد ، ويكون القول بأن التغير على الله ـ تعالى ـ بهذا الاعتبار محال دعوى محل النزاع ؛ فلا تقبل.
وإن أردتم بالتغير معنى آخر وراء قيام الحوادث بذات الله ـ تعالى ـ ؛ فهو غير مسلم ، ولا سبيل إلى إقامة الدلالة عليه.
وأما المعتزلة (٤) : فمنهم من قال :
المفهوم من قيام الصفة بالموصوف ، حصولها فى الحيّز تبعا لحصول محلها فيه ، والبارى ـ تعالى ـ ليس بمتحيّز ؛ فلا تقوم بذاته الصفة.
ومنهم من قال : الجوهر إنما صح قيام الصفات به ، لكونه متحيزا ؛ ولهذا فإن الأعراض لما لم تكن متحيزة ؛ لم يصح قيام المعانى بها ، والبارى ـ تعالى ـ ليس بمتحيز ؛ فلا يكون محلا للصفات وهاتان شبهتان تدلان على انتفاء الصفة عن الله ـ تعالى ـ مطلقا كانت قديمة ، أو حادثة ؛ وهما ضعيفتان جدا.
أما الشبهة الأولى : فلقائل أن يقول : لا نسلم أنه لا معنى لقيام الصفة بالموصوف إلا ما ذكروه ؛ بل معنى قيام الصفة بالموصوف تقوم الصفة بالموصوف فى الوجود.
وعلى هذا فلا يلزم أن يكون المعلول قائما بالعلة ؛ لكونه متقوما بها فى الوجود ؛ إذ ليس المعلول صفة ، ولا العلة موصوفة به.
__________________
(١) من أول الحجة الرابعة نقله ابن تيمية فى كتابه (درء تعارض العقل والنقل ٤ / ٧١ ، ٧٢) إلى قول الآمدي «ولا سبيل إلى إقامة الدلالة عليه» ثم علق عليه وناقشه فى ص ٧٢ وما بعدها.
(٢) ساقط من أ.
(٣) سورة الأنعام ٦ / ٧٦.
(٤) انظر المغنى للقاضى عبد الجبار ٤ / ٢٥٢ وشرح الأصول الخمسة ص ٢١٣ وما بعدها.
وقد نقل ابن تيمية كلام الآمدي من أول قوله «وأما المعتزلة فى كتابه (درء تعارض العقل والنقل ٤ / ٧٨).