قالوا : وهم آلهتنا ، وأربابنا ، ووسائلنا إلى حاجتنا ، وبهم يتقرب إلى الله ـ تعالى ـ وهى المديرة للكواكب الفلكية ، والمدبرة لها على التناسب المخصوص. حيث يتبعها : انفعالات فى العناصر السفلية ، وحركات بعضها إلى بعض ، وانفعال بعضها عن بعض ، عند الاختلاط ، والامتزاج المفضى إلى التركيب الموجب لتنوع المركبات : إلى أنواع المعادن ، والنبات ، والحيوانات ، وتصريف موجودات الأعيان من حال إلى حال ، ومن شأن إلى شأن ، إلى غير ذلك من الآثار العلوية ، والسفلية.
وزعموا : أن الكواكب الفلكية : هى هياكل هذه الروحانيات ، وأن نسبة الروحانيات إليها فى التدبير لها ، والتدوير. نسبة الأنفس الإنسانية ، إلى أبدانها ، وأن لكل روحانى : هيكلا يخصه ، ولكل هيكل : فلكا يكون فيه.
وزعموا : أن المعرف لهم بها : عادميون ، وهرمس (١) ، اللذان هما أصل علم الهيئة ، وصناعة النجامة. وهرمس : هو أول من قسم البروج ، ووضع أسماءها ، وأسماء الكواكب السيارة ، ورتبها فى بيوتها ، وبين الشرف والوبال ، والأوج والحضيض ، والمناظر : بالتثليث ، والتسديس ، والتربيع ، والمقابلة ، والمقارنة ، والرجوع ، والاستقامة ، والميل ، والتعديل. واستقل باستخراج (٢) أكثر أحكام الكواكب وأحوالها.
وقد قيل : إن عادميون : هو شيث. وهرمس : هو إدريس عليهماالسلام (٣).
الفرقة الثانية : أصحاب الهياكل :
فإنهم قالوا : إذا كان لا بد للإنسان من متوسط ؛ فلا بد ، وأن يكون ذلك المتوسط مما يشاهد ويرى (٤) ، حتى يتقرب إليه. والروحانيات ليست كذلك ؛ فلا بد من متوسط بين الإنسان (٥) وبينها. وأقرب ما إليها هياكلها فهى الآلهة ، والأرباب المعبودة ، والله ـ تعالى ـ
__________________
(١) ويسميه الصابئة الحاليون (هرمز).
(٢) فى ب (باخراج).
(٣) ومذهب صابئة العراق فى يومنا هذا هو مذهب هذه الفرقة بعينه لا ينقص عنه ذرة ولا يخالفه بشيء ولو كان زهيدا.
(انظر مجلة المشرق البيروتية ص ٤٠١ المجلد الرابع لسنة ١٩٠١ م).
(٤) فى ب (ترى مشاهدة).
(٥) فى ب (للإنسان).