الفرقة الثالثة : أصحاب الأشخاص :
وهؤلاء زعموا : أنه إذا كان لا بد من متوسط مرئى ، فالكواكب ؛ وإن كانت مرئية : إلا أنها قد ترى فى وقت دون وقت طلوعها ، وأفولها ، وظهورها ليلا ، وخفائها نهارا ؛ فدعت الحاجة إلى وجود أشخاص مشاهدة ، نصب أعيننا ؛ تكون لنا وسيلة إلى الهياكل التى هى وسيلة إلى الروحانيات ، التى هى وسيلة إلى الله ـ تعالى.
فاتخذوا لذلك : أصناما مصورة على صور الهياكل السبعة. كل صنم من جسم مشارك فى طبيعته لطبيعة ذلك الكوكب. ودعوه ، وسألوه بما يناسب ذلك الكوكب فى الوقت ، والمكان واللباس ، والتختم بما يناسبه ، والتبخير المناسب له على حسب ما يفعله أرباب الهياكل ؛ لأنها هى المعبودة على الحقيقة.
وهذا : هو الأشبه بسبب اتخاذ الأصنام ، ويحتمل أن يكون اتخاذ الأصنام بالنسبة إلى غير هذه الفرقة وتعظيمها ؛ / لاتخاذها قبلة لعباداتهم ، أو لأنها على صورة بعض من كان يعتقد فيه النبوة والولاية ، تعظيما له ، أو لأن قدماء أرباب الهياكل ، والأصنام ، وعلمائهم ؛ ركبوا طلاسم ، ووضعوها فيها ، وأمروهم بتعظيمها ؛ لتبقى محفوظة منتفعا بها. وإلا فاعتقاد الإلهية فيما اتخذ ، وصور من الأخشاب ، والأحجار ، وكونه خالقا لمن صوره ، ومبدعا لما وجوده قبل وجوده من العالم العلوى ، والسفلى ؛ مما لا يستجيزه عقل (١) عاقل ؛ بل البداية (١) شاهدة برده ، وإبطاله ، وإن وقع ذلك معتقدا لبعض الرعاع (٢) ، ومن لا خلاق له ، من العوام منهم ؛ فلا التفات إليه ، ولا معول عليه.
الفرقة الرابعة : الحلولية :
وهؤلاء زعموا : أن الإله المعبود واحد فى ذاته ، وأنه أبدع أجرام الأفلاك ، وما فيها من الكواكب ، وجعل (٣) الكواكب مدبرات (٣) لما فى العالم السفلى.
فالكواكب : آباء ، أحياء ، ناطقة. والعناصر : أمهات. وما تؤديه الآباء : من الآثار إلى الأمهات ، فتقبلها بأرحامها ؛ فتحصل من ذلك المواليد ، وهى المركبات ، والإله ـ
__________________
(١) فى ب (العقل وعاقل بالبداية).
(٢) فى ب (الرقاع).
(٣) فى ب (مدبرا).