وبتقدير ظهوره ؛ فهو معارض بما نقل فى الشريعة الظاهرة عن الرسول المعصوم ، وعلى لسانه : من الآيات الدالة على أنه لا خالق إلا الله ـ تعالى ـ كما أسلفنا ، وبما أوضحناه من الدليل العقلى ، والمستند القطعى. هذا من جهة الجملة.
وأما من جهة التفصيل :
فبأمور فى أحكامهم منها : أن أولى ما يعتمد عليه عند الحكم على المولود : إنما هو الطالع الرصدى ؛ وهو غير يقينى ؛ لأن الآخذ للطالع إذا أحس بانفصال الولد ؛ فلا بد عند أخذه للطالع بكوكب من الكواكب ، ومعرفته بدرجة الطالع. من أن يرصد عضادة الأصطرلاب بحيث يقع / ضوء ذلك الكوكب فى الثقب الأعلى من العضادة ، نافذا فى الثقب الأسفل منها فى ذلك الوقت. ومن وقت انفصال الولد إلى أن يقع على درجة ذلك الكوكب من البرج ، الّذي هو فيه يرتفع عن درجة الطالع وقت الانفصال : إما بدرجة ، أو أقل ، أو أكثر. وعند ذلك : فلا يحصل الوثوق بالحكم. هذا مع سلامة الآلات (١) التى بها أخذ الارتفاع ، وصحتها عن (٢) الأصطرلاب ، وذلك غير معلوم. وإذا كان كذلك فيما هو أولى بالاعتماد عليه : فما دونه من الطالع النمودارى : وهو ما يستخرجه المنجم من طالع المولود بعد ولادته عند ما (٣) إذا ذكر له وقت الولادة بالتقريب.
ولهذا : كان ما يخلف من أحكامهم أكثر من المصيب.
ومنها : أنا قد نصادف مولودين توأمين ، ولدا (٤) فى وقت واحد : وأحدهما فى غاية السعادة ، والآخر فى غاية الشقاوة : والطالع لهما واحد ، ولا يمكن أن يكون ذلك : بسبب ما بينهما من التفاوت فى وقت الولادة ؛ فإنه لو قدر التفاوت بزيادة درجة أو نقصانها ؛ فالحكم يكون (٥) على ما وصفناه. وإن كان التفاوت بمقدار الدرجة الواحدة : غير مؤثر فى تغيير أحكامهم باتفاق منهم.
ومنها : أنا قد نجد جما غفيرا ، وخلقا كثيرا ، لا يحويهم عدد يهلكون فى ساعة واحدة بقتل ، أو غرق طوفانى ، أو حريق ، أو هدم فى زلزلة. مع القطع باختلاف طوالعهم،
__________________
(١) فى ب (الآلة).
(٢) فى ب (عند).
(٣) فى ب (بحده بطريق الأولى عند ما).
(٤) فى ب (قد ولدا).
(٥) فى ب (قد يكون).