«الفرع السادس» فى الرد على الثنوية ، والمجوس
أما الثنوية (١) : فهم فرق خمس :
الفرقة الأولى : المانويّة (٢).
أصحاب مانى بن (فاتك) (٣) الحكيم الّذي ظهر فى زمن سابور / بن أردشير ، وقتله بهرام بن هرمز بن سابور ، بعد مبعث عيسى عليهالسلام.
ومعتقدهم : أن أصل العالم النور ، والظلمة ، وأنهما جسمان قديمان لم يزالا ، ولا يزولا ، حساسان (سميعان (٤) ، بصيران (٤)) وهما متضادان : فى الصورة ، والفعل ، متحاذيان فى الحيز ، تحاذى الشمس ، والظل ؛ وهما غير متناهيين. إلا من جهة التحاذى. وأن النور ، فوق الظلمة ، والعالم مركب (٥) ممتزج (٥) منهما ؛ لكن امتزاجهما هل وقع اتفاقيا ، أو بسبب؟ ؛ فذلك مما اختلفوا فيه ، ولهم فيه خبط كثير لا يليق ذكره هاهنا.
وزعموا : أن النور خير محض ، والظلمة شر محض ، وأن ما كان فى العالم من الخير ؛ فمن النور ، وما كان من شر ؛ فمن الظلمة. وهم معتقدون فى الشرائع ، والأنبياء. وأن أول مبعوث بالحكمة ، والنبوة ، آدم عليهالسلام ، ثم شيث ، ونوح ، وإبراهيم ، وزرادشت ، والمسيح ، وبولس. ومحمد عليهالسلام.
__________________
(١) انظر ما سبق فى هامش ل ١٧٤ / ب.
(٢) المانويّة : نسبة إلى مؤسسها مانى بن فاتك. وفاتك نشأ فى أذربيجان ، ثم انتقل إلى بابل ، ثم إلى دستميسان حيث عاش مع طائفة المغتسلة. وقد ولد مانى حوالى سنة ٢١٥ م. وقد أخبرت أمه بأنها كانت ترى أثناء حمله المنامات الحسنة ، وقد درس مانى فى بابل الأديان الفارسية القديمة ، والمسيحية ، والغنوصية. ولما بلغ الرابعة والعشرين ، زعم أن ملك النور أخبره بأنه (الفارقليط الّذي بشر به عيسى) وقد ذهب مانى إلى الهند والصين داعيا إلى دينه الجديد ، ثم عاد ثانية إلى خراسان ونشر مذهبه ؛ ولكن الزرادشتيين قاوموه ، وأثروا على شابور فأعدمه سنة ٢٧٢ م. أما عن آرائهم فانظر. (المغنى ٥ / ١٠ ـ ١٥ والملل والنحل ٢ / ٤٩ ـ ٥٤ ونشأة الفكر الفلسفى فى الإسلام ١ / ٢٤٨ ـ ٢٥١).
(٣) فى أ ، ب ، ج (ماين) وقد ورد فى جميع الكتب التى اطلعت عليها (فاتك).
(٤) ساقط من أ.
(٥) فى ب (ممتزج مركب).