وإن كان المرجح لحركة كل واحد منهما إلى الآخر غيره : فإما أن يكون المحرك لكل واحد منهما هو الآخر ، أو غيرهما : كما قالت المرقونية.
فإن كان الأول : فلا يخفى أن حركة النور إلى الظلمة خير من (وجه) (١) لخروج فعل الظلمة عن تمحض (٢) الشر ، فإذا كانت الظلمة هى الموجبة لذلك ؛ فقد صدر ما هو خير من وجه ، عن الشر المحض. وإن حركة الظلمة إلى النور شر من وجه ؛ لخروج فعل النور عن تمحض الخير. فإذا كان النور هو الموجب ؛ فقد صدر ما هو شر من وجه ، عن الخير المحض ؛ وهو ممتنع على أصلهم.
وإن كان الموجب لحركتهما غيرهما : فإما أن يكون خيرا محضا ، أو شرا محضا ، أو خيرا من وجه ، وشرا من وجه.
فإن كان الأول : فقد صدر عنه الشر من وجه.
وإن كان الثانى : فقد صدر عنه الخير من وجه ، وهو ممتنع عندهم.
وإن كان الثالث : فيلزم أن يكون ذلك الثالث مركبا لا بسيطا. وعند ذلك فالأصول تكون أكثر من ثلاثة ، ولم يقل به أحد منهم ، وبهذا الوجه الثانى يتبين امتناع امتزاج بعض كل واحد منهما ببعض الآخر.
وإن (٣) سلمنا إمكان الامتزاج بينهما ؛ فلا نسلم وقوع الامتزاج ، وبيانه من وجهين :
الأول : أن الامتزاج : إما أن يكون خيرا محضا ، وإما (٤) أن يكون (٤) شرا محضا ، وإما (٥) أن يكون (٥) خيرا من وجه ، وشرا من وجه.
فإن كان خيرا محضا : فقد صدر عن النور والظلمة ؛ والخير / المحض لا يصدر عن الظلمة.
__________________
(١) فى أ (درجة).
(٢) فى ب (محض).
(٣) فى ب (ثم وإن).
(٤) فى ب (أو).
(٥) فى ب (أو).