«الفصل الأول»
" فى إثبات القدرة الحادثة"
ولا خلاف بين المتكلمين فى أن الفاعل المختار منا : قادر بقدرة ، إلا ما نقل عن جهم (١) وأتباعه أنه نفى القدرة الحادثة.
ثم اختلف القائلون بالقدرة : فذهب (٢) ضرار بن عمرو ، وهشام بن سالم : إلى أن القادر : قادر ببعض من أبعاضه (٢).
ومنهم : من صرف القدرة إلى بعض المقدور.
واتفقت الأشاعرة ، والمعتزلة ، وغيرهم : على أن القدرة صفة وجودية يتأتى معها الفعل المقدور ، بدل الترك ، والترك بدل الفعل ، خلافا لبشر بن المعتمر (٣) : فإنه قال : الاستطاعة عبارة عن سلامة البنية عن الآفات ، وأنها ليست بعضا من القادر ، ولا بعضا من المقدور ، وهى زائدة على كل ما يقدر من صفات الأحياء.
وهو الحق ؛ لكن اختلف هؤلاء فى طريق إثبات القدرة.
فذهب الهمذانى من المعتزلة : إلى أن طريق العلم بذلك : إنما هو العلم بتأتى الفعل من بعض الموجودين ، وتعذره من غيره.
وذهب الجبائى : إلى أن طريق العلم بها : إنما هو العلم بصحة الشخص ، وانتفاء الآفات عنه.
وهما فاسدان.
أما الأول : فهو باطل على أصل القائل به : بالممنوع ؛ فإنه قادر عنده على الفعل الممنوع منه ، وإن كان فعله متعذرا عليه غير متأت منه.
__________________
(١) انظر الملل والنحل للشهرستانى ١ / ٨٧.
(٢) فى ب (فمنهم من ذهب إلى أن القادر ببعض من أبعاضه : كضرار بن عمرو ، وهشام بن سالم).
وهو : هشام بن سالم الجواليقى ، شيخ الهشامية ، وهو من متكلمى الشيعة القائلين بالتجسيم ، والتشبيه ، (انظر الملل والنحل ١ / ١٨٤ والفرق بين الفرق ٦٨).
(٣) بشر بن المعتمر البغدادى ، أبو سهل : فقيه معتزلى ، مؤسس فرع بغداد الاعتزالى ، وتنسب إليه الطائفة البشرية منهم ، توفى ببغداد سنة ٢١٠ ه (الفرق بين الفرق ١٥٦ والملل ٦٤ والمقالات الجزء الثانى والاعلام ٢ : ٢٨).
ولمزيد من البحث والدراسة راجع ما سيأتى فى الجزء الثانى ـ القاعدة السابعة الفرقة الثامنة البشرية ل ٢٤٥ / أوهامشها.