وذهب أبو الهذيل أحمد بن العلاف (١) : إلى الفرق بين أفعال القلوب ، وأفعال الجوارح.
فقال : القدرة على أفعال القلوب لا بد وأن تكون معها ، بخلاف القدرة على أفعال الجوارح ؛ فإنه قال : بتقدمها (٢) عليها إلى غير ذلك من الاختلافات التى لا معول عليها ، ولا مستند لها فيما بينهم. يظهر فسادها بأوائل النظر لمن له أدنى تنبه. آثرنا (٣) الإعراض عن ذكرها (٣) شحا على الزمان بتضييعه فى غير مهم.
ومعتمد أهل الحق :
أنه لو لم تكن القدرة الحادثة متعلقة بالفعل حالة حدوثه ؛ لما كانت متعلقة به أصلا ، واللازم ممتنع ، فالملزوم ممتنع.
أما بيان الملازمة : فهو أنه : لو لم تكن القدرة الحادثة متعلقة بالفعل الحادث وقت حدوثه : فإما أن تكون متعلقة به قبل حدوثه ، أو بعد حدوثه ، أو فى الحالتين ، أو أنه لا تعلق لها به أصلا :
لا جائز أن تكون متعلقة به قبل حدوثه : لوجهين :
الأول : أنه قبل حدوثه : إما أن يكون ممكن الحدوث فى ذلك الوقت ، أو لا يكون ممكنا.
فإن كان / ممكنا : فلا يلزم من فرض وقوعه فيه المحال لذاته ، ولو فرضناه حادثا فيه ، فالقدرة تكون متعلقة به وقت حدوثه ؛ وقد قيل بامتناعه.
وإن لم يكن حدوثه فيه ممكنا : فليس بواجب ؛ فيكون ممتنعا. وتعلق القدرة بالمستحيل يوجب كونه مقدورا ، وخرج عن كونه مستحيلا ؛ وهو خلاف الفرض. ثم ولجاز تعلقها بكل مستحيل ؛ ضرورة عدم الفرق ؛ ولم يقل به قائل.
الوجه الثانى : أنه لو تعلقت القدرة الحادثة بالفعل قبل حدوثه ؛ فالمقدور إما نفيه ، أو ثبوته :
__________________
(١) فى ب (علاف).
(٢) فى ب (بتقدمه).
(٣) فى ب (آثرنا عنها الإعراض).